للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيتُ فَلِيَ النَّارُ"

ــ

السجود الذي هو من شعب الإيمان (فله الجنة) التي هي دار الكرامة جزاء له على طاعته وسجوده (وأمرت) أنا، أي أمرني ربي (بالسجود) أي سجود انحناء تحية لآدم أو بالسجود الشرعي لله تعالى وآدم قبلة كالكعبة (فأبيت) السجود أي امتنعت من إجابة أمر ربي بالسجود وعاندته وكفرت به واستكبرت عن السجود لآدم (فلي النار) دار الذل والهوان جزاء على إبائي وكفري وامتناعي من السجود الذي هو من شعب الإيمان.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد (٢/ ٤٤٠ و ٤٤٣) وابن ماجه (١٠٥٢) قال الأبي: والأظهر في الشيطان أنه إبليس لقوله فعصيت ولم يبك ندمًا بل حسدًا أن دخل الجنة بالسبب الذي عصى هو به ولا يمتنع أن يكون بكاؤه حقيقة لأنه جسم ولا يتفق له هذا البكاء دائمًا لأن إذا ليست من ألفاظ العموم والويل الهلاك وهي كلمة تقال لمن وقع في هلكة يستحقها اهـ.

قال القرطبي: ومعنى السجود لغة الخضوع والخشوع قال زيد الخيل رضي الله عنه.

بجمع تصل البلق في حجراته ... ترى الأَكَم فيها سجدًا للحوافر

والبلق جمع أبلق والفرس الأبلق ما كان فيه سواد وبياض وقوله (سجدًا) أي خاضعة ويطلق السجود أيضًا على الميل يقال سجدت النخلة أي مالت وسجدت الناقة إذا طأطأت رأسها قال يعقوب أسجد الرجل إذا طأطأ رأسه وسجد إذا وضع جبهته على الأرض وقال ابن دريد أصل السجود إدامة النظر مع إطراق إلى الأرض والحاصل أن أصل السجود الخضوع وسميت هذه الأحوال سجودًا لأنها تلازم الخضوع غالبًا ثم قد صار في الشرع عبارة عن وضع الجبهة على الأرض على وجه مخصوص والسجود المذكور في هذا الحديث هو سجود التلاوة لقوله (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد) وقد اختلف في حكمه فذهب الجمهور إلى أنه مندوب وفضيلة وصار أبو حنيفة إلى أنه واجب مستدلًا بهذا الحديث، ووجهه أن إبليس عصى بترك ما أمر به من السجود فذم ولعن وابن آدم أطاع بفعله فمدح وأثيب بالجنة فلو تركه لعصى إذ السجود نوع واحد فلزم من ذلك كون السجود واجبًا.

(والجواب) أن ذم إبليس ولعنه لم يكن لأجل ترك السجود فقط بل لترك السجود

<<  <  ج: ص:  >  >>