رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:(فكل من يدخل الجنَّة) يكون (على صورة آدم) وصفته وجماله وعلى قده (وطوله) أي ارتفاعه في السماء (ستون ذراعًا فلم يزل الخلق) يعني ذريته (ينقص) طولهم (عن طوله) أي عن طول آدم (بعده) أي بعد آدم (حتَّى الآن) إلى الآن.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ في الأنبياء باب خلق آدم وذريته [٣٣٢٦] وفي الاستئذان باب بدء السَّلام [٦٢٢٧].
قوله:(طوله ستون ذراعًا) قال العيني في عمدة القارئ [٧/ ٣١١] قال ابن التين: المراد ذراعنا لأن ذراع كل أحد مثل ربعه ولو كانت بذراعه لكانت يده قصيرة في جنب طول جسمه كالإصبع والظفر، وروى أحمد من حديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا: "كان طول آدم ستِّين ذراعًا في سبعة أذرع عرضًا" وروى ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن أبي بن كعب رضي الله عنه "أن الله خلق آدم رجلًا طوالًا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق" وقال الكشميري في فيض الباري [٤/ ١٧] في شرح قوله صَلَّى الله عليه وسلم: "ستون ذراعًا في السماء" أي في الطول، ويحتمل أن يكون مراد الحديث أنَّه كان قدر طولهم هذا في الجنَّة فإذا نزلوا في الجنَّة واستقروا فيها عادوا إلى القصر فإن الأحكام تتفاوت بتفاوت البلدان والأوطان كما أن يومًا عند ربك كألف سنة مما تعدون فهو يوم في العالم العلوي وألف سنة في العالم السفلي هكذا يمكن أن تكون قاماتهم تلك في الجنَّة فإذا دخلوها عادوا إلى أصل قامتهم.
قوله:(فقالوا: السَّلام عليك ورحمة الله) قال علي القاري في المرقاة [٩/ ٤٧]: هذا يدل على جواز تقديم السَّلام على عليكم في الجواب بل على ندبه لأنَّ المقام مقام التعليم، لكن الجمهور على أن الجواب بقوله: وعليكم السَّلام أفضل سواء زاد أم لا، ولعل الملائكة أيضًا أرادوا إنشاء السَّلام على آدم كما يقع كثيرًا فيما بين النَّاس لكن يشترط في صحة الجواب أن يقع بعد السَّلام لا أن يقعا معًا كما يدل عليه فاء التعقيب، وهذه المسألة أكثر النَّاس عنها غافلون فلو التقى رجلان وسلم كل منهم على صاحبه دفعة واحدة يجب على كل منهما الجواب اهـ. وذكر الرَّازي: أن الحكمة في تقديم: وعليكم