وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث التِّرمذيُّ في صفة جهنم باب ما جاء في صفة النَّار [٢٥٧٣].
قال القرطبي: قد تقدم أن جهنم اسم علم لنار الآخرة وكذلك سقر، ولها أسماء كثيرة أعاذنا الله منها بمنه وكرمه يعني أنَّها يجاء بها من المحل الذي خلقها فيه فتدار بأرض المحشر حتَّى لا يبقى للجنة طريق إلى الصراط كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، والزمام ما يزم به الشيء أي يشد ويربط به وهذه الأزمة التي تساق بها جهنم تمنع خروجها على أهل المحشر فلا يخرج منها إلَّا الأعناق التي أمرت بأخذ من شاء الله أخذه وملائكتها كما وصفهم الله تعالى:{غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم / ٦] وأمَّا هذا العدد المحصور للملائكة فكأنه عدد رؤسائهم، وأمَّا جملتهم فالعبارة عنها ما قال الله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلا هُوَ}[المدثر / ٣١].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن مسعود بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
٦٩٩٢ - (٢٨١٤)(١٧٤)(حدَّثنا قتيبة بن سعيد حدَّثنا المغيرة يعني ابن عبد الرحمن) بن عبد الله بن خالد بن حزام القرشي الأسدي (الحزامي) منسوب إلى الجد المذكور، ثقة، من (٧) روى عنه في (٦) أبواب (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: ناركم هذه) والإضافة فيه لأدنى ملابسة أي ناركم الدنيوية الملابسة بكم (التي يوقد) ويشعل بها (ابن آدم) في الدُّنيا (جزء) واحد (من سبعين جزءًا من حر جهنم) لو جزأناها إلى هذا العدد يعني أنَّه لو جمع كل ما في الوجود من النَّار التي يوقدها بنو آدم لكانت جزءًا واحدًا من أجزاء جهنم المذكورة وبيانه أنَّه لو جمع حطب الدُّنيا فأوقد كله حتَّى صار نارًا لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءًا أشد حرًّا من حر نار الدُّنيا كما بينه في آخر الحديث اهـ من المفهم.