الله عليه وسلم معطوف بعاطف مقدر على تدني (فيكون الناس على قدر أعمالهم) الصالحة كثرة وقلة (في) شأن (العرق) خفة وشدة (فمنهم من يكون) عرقه واصلا (إلى كعبيه) في الارتفاع من الأرض (ومنهم من يكون) عرقه واصلًا (إلى ركبتيه ومنهم من يكون) عرقه واصلًا (إلى حقويه) العظمان اللذان يعقد عليهما الإزار في وسط البدن من الجانبين كما مر (ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا) أي يدخل فمه كلجام الفرس (قال) المقداد (وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده) الشريفة (إلى فيه) أي إلى فمه الشريف عندما ذكر إلجام العرق إيضاحا لمعنى الحديث بالإشارة.
قوله (فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق) وتفصيله فيما أخرجه الحاكم من حديث عقبة بن عامر رفعه "تدنو الشمس من الأرض يوم القيامة فيعرق الناس فمنهم من يبلغ عرقه عقبه، ومنهم من يبلغ نصف ساقه، ومنهم من يبلغ ركبتيه، ومنهم من يبلغ فخذه، ومنهم من يبلغ خاصرته، ومنهم من يبلغ منكبه، ومنهم من يبلغ فاه -وأشار بيده فألجمها فاه- ومنهم من يغطيه -وضرب بيده على رأسه-".
وهذا ظاهر في أن العرق يحصل لكل شخص من نفسه، وقال عياض: ويحتمل أن يريد عرقه وعرق غيره فيشدد على بعض، ويخفف على بعض، وهذا كله بتزاحم الناس، وانضمام بعضهم إلى بعض حتى صار العرق يجري سائحا في وجه الأرض كالماء في الوادي بعد أن شربت منه الأرض وغاص فيها سبعين ذراعًا. واستشكل هذا الحديث بأن الجماعة إذا وقفوا في الماء الذي على أرض معتدلة كانت تغطية الماء لهم على حد سواء لكنهم إذا اختلفوا في الطول والقصر تفاوتوا، ولكن الظاهر أن تفاوت الناس في القامة ليس بمثابة أن يبلغ العرق أرجل بعض ورؤوس الآخرين. والجواب أن ذلك من الخوارق الواقعة يوم القيامة ولا تقاس أحوال الآخرة بمقياس الدنيا، ثم اختلف أقوال العلماء هل يعم هذا العرق المؤمن والكافر أو يخص الكافر فقط، وقد مر من الأحاديث ما يؤيد الثاني وأن المؤمن يكون محفوظًا من حر الشمس لكن قال القرطبي: المراد من