وقيل منيبين لقبول الهداية، وقيل المراد حين أخذ عليهم العهد في الذر، وقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى اهـ نووي (وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم) أي أضلتهم وصرفتهم وخطفتهم (عن دينهم) الحق، قال النووي: هكذا هو في نسخ بلادنا (فاجتالتهم) وكذا نقله القاضي في رواية الأكثرين أي استخفوهم فذهبوا بهم وأزالوهم عما كانوا عليه وجالوا معهم في الباطل، وقال شمر: اجتال الرجل الشيء ذهب به واجتال أموالهم ساقها وذهب بها (وحرمت عليهم) تلك الشياطين (ما أحللت) أنا (لهم) من البحيرة والسائبة وغيرهما (وأمرتهم) تلك الشياطين (أن يشركوا بي) في العبادة معي (ما) أي معبودا (لم أنزل) أنا (به) أي بعبادته (سلطانًا) أي حجة وبرهانًا، وهذا قيد لا مفهوم له كما هو مقرر في محله، سمي البرهان سلطانًا لتسلطه على القلوب بالقهر والغلبة، والمعنى ما ليس على إشراكه دليل عقلي ولا نقلي، وما اسم موصول في محل النصب مفعول به ليشركوا، وقوله (وإن الله نظر إلى أهل الأرض) معطوف على قوله ألا إن ربي أمرني، والمعنى ألا وإن الله نظر وأبصر إلى أهل الأرض نظرًا يليق به ليس كمثله شيء (فمقتهم) أي بغضهم وسخط عليهم، والمقت أشد البغض والمراد بهذا المقت والنظر ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم (عربهم وعجمهم) والمراد بالعجم هنا من لا يتكلم بكلام العرب، والمعنى أن الله تعالى أبغضهم لسوء صنيعهم وخبث عقيدتهم واتفاقهم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم على الشرك سواء كان بعبادة الأصنام كما وقع لمعظم جاهلية العرب أو بعبادة عيسى - عليه السلام - كما وقع للنصارى أو بعبادة عزير - عليه السلام - كما وقع لليهود (إلا بقايا) جمع بقية وهم الذين بقوا على دين نبيهم بلا تحريف ولا تبديل أي ألا بقية (من أهل الكتاب) أي اليهود والنصارى بقوا على دين نبيهم، والظاهر أن المراد بهم هنا أتباع عيسى - عليه السلام - الذين بقوا على دينه وشريعته بدون أن يرتكبوا فيه تحريفًا إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم ولا اعتبار ببقايا اليهود لأن دين موسى رفع بدين عيسى عليهما السلام ولا ينفعهم البقاء عليه، قال القرطبي:(قوله إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم) إلخ، وذلك أن كلًّا