شيء، وقال الطيبي في شرح المشكاة [٩/ ١٧٤] المعنى لا تماسك له عند مجيء الشهوات فلا يرتدع عن فاحشة ولا يتورع عن حرام، قال القرطبي: وسمي العقل زبرًا لأن الزبر في أصله هو المنع والزجر يقال زبره يزبره من باب نصر زبرًا وزبرًا إذا انتهره ومنعه ولما كان العقل هو المانع لمن اتصف به من المفاسد والزاجر عنها سمي بذلك وأفرد الموصول في قوله الذي لا زبر له نظرًا للفظ الضعيف وجمعه في قوله (الدين هم فيكم تبعًا) مع كونه صفة ثانية للضعيف نظرًا إلى معناه لأن المراد به الجنس الصادق بالقليل والكثير لأن المعنى أحدها هم الضعفاء الذين لا زبر ولا عقل لهم الذين هم كانوا فيكم تبعًا لا قادة ولا رؤساء (لا يتبعون) ولا يطلبون ولا يريدون (أهلًا) يتعففون بهم عن الفاحشة (ولا مالًا) يتكففون به عن مسألة الناس، قال القرطبي: وهذا تفسير من النبي صلى الله عليه وسلم لقوله أولًا الضعيف الذي لا زبر له يعني بذلك أن هؤلاء القوم ضعفاء العقول فلا يسعون في تحصيل مصلحة دنيوية ولا فضيلة نفسية ولا دينية بل يهملون أنفسهم إهمال الأنعام ولا يبالون بما يثبون عليه من الحلال والحرام اهـ من المفهم.
قوله (الذي هم فيكم تبعًا) كذا وقع منصوبًا في نسخ صحيح مسلم، وفي رواية الطبراني (هم فيكم تبع) بالرفع وهو أوفق بالقياس، وأما كونه منصوبًا فيمكن تأويله على أنه حال من فعل محذوف كأنه قال: هم يعيشون فيكم تبعًا، وفي رواية أحمد "هم فيكم تبعًا أو تبعاء" شك يحيى، وعلى تقدير الأخير هم جمع تابع كفاضل وفضلاء والله أعلم. وقوله (لا يتبعون أهلًا ولا مالًا) روي لا يتبعون بتشديد التاء وتخفيفها كليهما فعلى الأول فهو مضارع اتبع الخماسي، وعلى الثاني فمضارع تبع الثلاثي، ووقع في بعض النسخ (لا يبتغون) أي لا يطلبون، وهذه الجملة تفسير (للضعيف الذي لا زبر له) كما مر آنفًا، ومعناه أنهم لا يسعون في تحصيل منفعة دينية أو دنيوية بل يهملون أنفسهم إهمال الأنعام فلا يطلبون أهلًا ولا مالًا بطريقة معروفة بل هم تبع لقادتهم يسيرون معهم حيث ساروا وإنما استحقوا النار لأنهم لم يستعملوا ما وهبهم الله تعالى من العقل والفكر لتمييز الكفر من الإيمان فوقعوا في الكفر تبعًا لقادتهم، وقال علي القاري في المرقاة [٩/ ٢٢](لا يبغون أهلًا) أي لا يطلبون زوجة ولا سرية فأعرضوا عن الحلال وارتكبوا الحرام (ولا مالًا) أي ولا يطلبون مالًا حلالًا من طريق الكد والكسب الطيب فقيل هم