للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومما ذاك يا رسول الله؟ قال: "إن المؤمن إذا وُضع في قبره .. " فذكر الحديث فأفاد هذا الطريق سبب هذا الحديث قوله (إنه ليسمع قرع نعالهم) هذا الحديث حجة لمن أثبت السماع للموتى وهو مذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها ذهبت إلى نفي سماع الموتى وتأولت في حديث قليب بدر ووافقها طائفة من العلماء على ذلك ورجحه القاضي أبو يعلى من أكابر الحنابلة، وذكر ابن الهمام أن أكثر مشايخ الحنفية على أن الميت لا يسمع استدلالًا بقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} ولذلك قالوا لو حلف لا يكلم فلانًا فكلمه ميتًا لا يحنث، وقد دل حديث الباب صريحًا على أن الميت يسمع قرع نعال أصحابه وكذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما سيأتي قريبًا إنه خاطب الكفار من قتلى بدر وقال للصحابة: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" أخرجه الشيخان، وقال الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الروم [٣/ ٤٣٨] والصحيح عند العلماء رواية عبد الله بن عمر لما لها من الشواهد على صحتها من وجوه كثيرة من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البر مصححًا له عن ابن عباس مرفوعًا "ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم وإن يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد - عليه السلام - "وثبت عنه صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول المسلم: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا هذا الخطاب لكانوا بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف بزيارة الحي له.

قوله (إنه ليسمع قرع نعالهم) قال العيني في عمدة القاري [٤/ ١٦٣] فيه جواز لبس النعل لزائر القبور الماشي بين ظهرانيها، وذهب أهل الظاهر إلى كراهة ذلك وبه قال يزيد بن زريع وأحمد بن حنبل، وقال ابن حزم في المحلى: ولا يحل لأحد أن يمشي بين القبور بنعلين سبتيتين وهما اللذان لا شعر عليهما فإن كان فيهما شعر جاز ذلك، واحتج هؤلاء بحديث بشير بن الخصاصية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يمشي بين القبور في نعلين فقال: "ويحك يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك" رواه الطحاوي وأخرجه أبو داود وابن ماجه بأتم منه وأخرجه الحاكم وصححه، وقال الجمهور: بجواز ذلك وهو قول الحسن وابن سيرين والنخعي والثوري وأبي حنيفة ومالك والشافعي

<<  <  ج: ص:  >  >>