للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى نفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيضَتَهُمْ. وَإِنَّ رَبِّي قَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيتُ قَضَاء

ــ

الله عنه فإنه سيق إليه تاج كسرى وحليته وما كان في بيوت أمواله وجميع ما حوته مملكته على سعتها وعظمتها وكذلك فعل الله بقيصر لما فتحت بلاده اهـ من المفهم.

(وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة) لجميع بلدان المسلمين، والسنة القحط والجدب والمراد أن لا يصيب المسلمين قحط عام يشمل جميع بلاد المسلمين في وقت واحد، وهكذا وقع فلم يصب المسلمين قحط عام حتى الآن بل إذا وقع بأرض اقتصر بها ولم يعم بلاد المسلمين قاطبة، قال القرطبي: أراد بالسنة الجدب العام الذي يكون به الهلاك ويُسمى الجدب والقحط سنة ويُجمع على سنين كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: ١٣٠] أي بالجدب المتوالي (و) سألته (أن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم) الجار والمجرور صفة عدوًا أي عدوًا كائنًا من غير أنفسهم وإنما قيده بهذا القيد لما سيأتي في حديث سعد رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم وإن قد دعا الله تعالى أن لا يجعل بأس أمته فيما بينهم فمُنع من ذلك (فيستبيح) ذلك العدو المذكور (بيضتهم) أي جماعتهم، قال القرطبي: وبيضة المسلمين معظمهم وجماعتهم، وفي الصحاح بيضة كل شيء حوزته وبيضة القوم ساحتهم وعلى هذا فيكون معنى الحديث أن الله تعالى لا يسلط العدو على كافة المسلمين حتى يستبيح ويأخذ جميع ما حازوه من البلاد والأرض ولو اجتمع عليهم كل من بين أقطار الأرض وهي جوانبها اهـ من المفهم، وقال القاضي: هي مأخوذة من بيضة الطير لتحضينها ما فيها واجتماعها عليه، والبيضة أيضًا هي العز، وقيل المُلك اهـ من الأبي، وقال الطيبي: إنه مأخوذ من بيضة الدار وهي وسطها ومعظمها وإن بيضة الدار مجتمع لأهلها فالمراد من استباحة البيضة أن يسيطر العدو على مجتمعهم وموضع سلطانهم ومستقر دولتهم فيستأصلهم ويهلكهم جميعًا والاستباحة أن يجعلها مباحة لنفسه ثم إن النفي منصب على السبب والمسبب معًا فيفهم منه أنه قد يُسلط عليهم عدو لكن لا يستأصل شأفتهم اهـ من المرقاة، قوله (ولو اجتمع عليهم من بأقطارها) يعني ولو اجتمع أعداء المسلمين من أنحاء الأرض قاطبة لم يتمكنوا من استئصال شأفة المسلمين، والأقطار جمع قطر بضم القاف وهي الناحية (وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>