الواقعة بين يدي الساعة ويذكرها، وقوله (منهن) .. الخ مقول قال، وما بينهما اعتراض أي فقال منهن (ثلاث لا يكدن) أي لا يقربن (يذرن) ويتركن، أي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والحال أنه يذكر عددًا كثيرًا من الفتن الواقعة بين يدي الساعة ثلاث منهن أي من الفتن التي تقع بين يدي الساعة لا يكدن ولا يقربن أن يذرن ويتركن (شيئًا) مما في الأرض بل تعم كل الأشياء وتصيبها بفتنتها ولا يسلم منهن شيء من مخلوق الأرض ولم أر رواية تبين تلك الثلاثة العامة بعد البحث عنها ولعلها خروج الدجال وخروج يأجوج ومأجوج وخروج الدابة والله سبحانه وتعالى أعلم.
(ومنهن) أي ومن الفتن التي ستقع بين يدي الساعة (فتن) أخرى كثيرة تضر من أصبنه ضررًا (كـ) ـضرر (رياح الصيف) ولعل التشبيه بها في كونها مؤذية لأن رياح الصيف حارة في الغالب وتعصف الرمال وتحرق النبات (منها) أي من تلك الفتن الأخرى فتن (صغار) أي قليل ضررها أو قليل من تصيبها (ومنها) فتن (كبار) بكثرة ضررها أو بكثرة من تصيبها (قال حذيفة) بالسند السابق (فذهب) الآن من الدنيا (أولئك الرهط) والقوم الذي سمعوا أحاديث الفتن معي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وماتوا (كلهم غيري) فلذلك قلت إني لأعلم الناس الآن بكل فتنة هي كائنة إلى يوم القيامة.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد في مسنده [٥/ ٤٠٧]، والبيهقي في دلائل النبوة [٦/ ٤٠٦].
قال القرطبي: أقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كان الله تعالى قد أعلمه بتفاصيل ما يجري بعده لأهل بيته وأصحابه وبأعيان المنافقين وبتفاصيل ما يقع في أمته من كبار الفتن وصغارها وأعيان أصحابها وأسمائهم وأنه بث الكثير من ذلك عند من يصلح لذلك من أصحابه كحذيفة رضي الله عنه قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدًا إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته رواه أبو داود [٤٢٤٣] وبهذا يعلم أن أصحابه كان عندهم من علم الكوائن الحادثة إلى يوم القيامة العلم الكثير والحظ الوافر لكن لم يشيعوها إذ ليست من أحاديث