للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَيفَ قَال؟ قَال قُلْتُ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فِتنَةُ الرجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ. يُكَفِّرُهَا الصيَامُ وَالصلاة وَالصدَقَةُ وَالأَمرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنهي عَنِ المُنكَرِ. فَقَال عُمَرُ: لَيسَ هَذَا أُرِيدُ. إِنَّمَا أُرِيدُ التِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحرِ

ــ

الله صلى الله عليه وسلم حديث الفتن كما سمعه منه لأن ذلك يدل على اهتمامه وشدة اعتنائه بحفظ الحديث (وكيف قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإخبار عن الفتن، وهو من جزء كلام عمر (قال) حذيفة (قلت) لعمر (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فتنة الرجل) أي افتتان المرء (في) شؤون (أهله) وزوجته (و) في شؤون (ماله و) شؤون (نفسه وولده وجاره) بانهماكه فيها بحيث يؤدي ذلك إلى الإخلال بطاعات الله أو بتقصيره في أداء حقوقها (يُكفّرها) أي يُكفّر ما صدر منه من الصغائر في حال افتتانه بهذه الأمور (الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وسار العبادات لأن الحسنات يذهبن السيئات وهذا الحديث وإن كان ظاهره عامًّا في الصغائر والكبائر جميعًا ولكنه مخصوص بالصغائر بدليل الآيات والأحاديث الأخرى التي تدل على أن الحسنات إنما تكفر الصغائر دون الكبائر وهو مذهب جمهور أهل السنة خلافًا للمرجئة القائلين إن الحسنات تُكفّر الصغائر والكبائر جميعًا نظرًا إلى ظاهر هذا الحديث (فقال) له (عمر) رضي الله عنه (ليس هذا) الذي ذكرته من افتتان الرجل في أهله وماله وغيرهما (أريد) وأقصد (إنما أريد) الفتنة (التي تموج) وتضطرب وتتحرك اضطرابًا (كـ) اضطراب (موج البحر) أي تموجه وهيجانه عندما عصفته الريح مثلًا من ماج البحر إذا اضطرب وتحرك.

قوله (فتنة الرجل في أهله) قالوا فتنته فيهم أن يأتي من أجلهم ما لا يحل له من القول أو العمل مما لم يبلغ كبيرة أو المراد ما يعرض له معهن من شر أو حزن أو شبهة، وفتنته في ماله أن يأخذه من غير مأخذه ويصرفه في غير مصرفه وفتنته في نفسه وولده فرط محبته وشغله بهم عن كثير من الخير، وفتنته في جاره أن يتمنى أن يكون حاله مثل حاله إن كان متسعًا قال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} كذا في النووي. قوله (إنما أريد التي تموج كموج البحر) أي إنما أريد الفتن العامة التي تموج وتتحرك وتنتشر موجا واضطرابا كموج البحر واضطرابه وتحركه يقال ماج البحر إذا تحرك ماؤه وارتفع، شبهها

<<  <  ج: ص:  >  >>