للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّوَيقَتَينِ مِنَ الْحَبَشَةِ"

ــ

السويقتين) أي يُلقب بذي السويقتين تثنية سويقة مصغر ساق الإنسان، قال القاضي: صغرهما لرقتهما وهي صفة سوق السودان غالبًا، رجل (من الحبشة) زاد أبو داود في هذه الرواية ويخرج كنزها، هم جنس من السودان، قال القاضي: وقد وصفه في الحديث الآخر بقوله (كأني به أسود أفحج يقلعها حجرًا حجرًا) والفحج بُعد ما بين الساقين، وتخريبها ليس معارضًا لقوله تعالى: {حَرَمًا آمِنًا} لأن معناه آمنًا إلى قرب قيام الساعة أو أنه مخصص للآية أي آمنًا إلى ما قدر الله تعالى من أمر ذي السويقتين اهـ أبي، وعبارة القرطبي: ولا يعارض هذا الحديث قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: ٦٧] لأن تخريب الكعبة على يدي هذا الحبشي إنما يكون عند خراب الدنيا ولعل ذلك في الوقت الذي لا يبقى فيه إلا شرار الخلق فيكون حرمًا آمنًا مع بقاء الدين وأهله فإذا ذهبوا ارتفع ذلك المعنى [قلت] وتحقيق الجواب عن ذلك أنه لا يلزم من قوله تعالى: {أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا} أن يكون ذلك دائمًا في كل الأوقات بل إذا حصلت له حرمة وأمن في وقت ما فقد صدق اللفظ وصح المعنى ولا يعارضه ارتفاع ذلك المعنى في وقت آخر فإن قيل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله أحل لي مكة ساعة من نهار ثم عادت حرمتها إلى يوم القيامة" رواه مسلم [١٣٥٥] قلنا: أما الحكم بالحرمة والأمن فلم يرتفع ولا يرتفع إلى يوم القيامة إذ لم يُنسخ ذلك بالإجماع، وأما وقوع الخوف فيها وترك حرمتها فقد وُجد ذلك كثيرًا ويكفيك بعوث يزيد بن معاوية وجيوش عبد الملك وقتال الحجاج لعبد الله بن الزبير وغير ذلك مما جرى لها وما فُعل فيها من إحراق الكعبة ورميها بحجارة المنجنيق اهـ من المفهم.

وقال الحافظ في الفتح [٣/ ٤٦١] قيل هذا الحديث يخالف قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} ولأن الله تعالى حبس عن مكة الفيل ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ولم تكن إذ ذاك قبلة فكيف يُسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين. وأُجيب بأن ذلك محمول على أنه يقع آخر الزمان قرب قيام الساعة حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول الله الله كما ثبت في صحيح مسلم، لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله" ولهذا وقع في رواية سعيد بن سمعان "ولا يعمّر بعده أبدًا" وقد وقع قبل ذلك من القتال وغزو أهل الشام له في زمن يزيد بن معاوية ثم من بعده وقائع كثيرة من أعظمها وقعة القرامطة بعد الثلاثمائة فقتلوا من المسلمين في المطاف من لا يُحصى كثرة

<<  <  ج: ص:  >  >>