للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ: "قَدْ مَاتَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ. وَإِذَا هَلَكَ قَيصَرُ فَلَا قَيصَرَ بَعْدَهُ. وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ"

ــ

ابن عيينة (عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات كسرى) وهو لقب لكل من ملك فارس والعراق (فلا كسرى بعده) أي بعد الذي مات (وإذا هلك قيصر) وهو لقب لكل من ملك الروم والشام (فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما) وأموالهما المجموعة (في سبيل الله) تعالى.

قوله (قد مات كسرى فلا كسرى بعده) .. الخ، قال النووي: قال الشافعي وسائر العلماء: معناه لا يكون كسرى بالعراق ولا قيصر بالشام كما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بانقطاع ملكهما في هذين الإقليمين فكان كما قال صلى الله عليه وسلم فأما كسرى فانقطع ملكه وزال بالكلية من جميع الأرض وتمزق ملكه كل ممزق واضمحل بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قيصر فانهزم من الشام ودخل أقاصي بلاده من القسطنطينية ورومة فافتتح المسلمون بلادهما واستقرت للمسلمين فلله الحمد، وحكى الحافظ في الفتح [٦/ ٦٢٦] عن الشافعي أنه قال: وسبب هذا الحديث أن قريشًا كانوا يأتون الشام والعراق تجارًا فلما أسلموا خافوا انقطاع سفرهم إليهما لدخولهم في الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم تطييبا لقلوبهم وتبشيرًا بأن ملكهما سيزول عن الإقليمين المذكورين، وقال الطيبي في الكاشف [١٠/ ٧٦] هلاك كسرى وقيصر كانا متوقعين فأخبر عن هلاك كسرى بالماضي دلالة على أنه كالواقع بناء على إخبار الصادق فكأنه أشار إلى أن ملك كسرى أسبق انقضاء من ملك قيصر ووقع كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله (قد مات كسرى) .. الخ كذا جاء هذا الحديث في الأم: قد مات كسرى بلفظ الماضي المحقق بقد، وقد وقع هذا اللفظ في كتاب الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وعنه سعيد بن المسيب وعنه الزهري وعنه سفيان وبهذا السند رواه مسلم غير أن الترمذي قال: إذا هلك كسرى ولم يقل قد مات وبين اللفظين بون عظيم فلفظ مسلم يقتضي أن كسرى قد كان وقع موته فأخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>