للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "اخْسَأْ. فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "دَعْهُ. فَإِنْ يَكُنِ الَّذِي تَخَافُ، لَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ"

ــ

وخالفهم الخطابي فقال لا معنى للدخان هنا لأنه ليس مما يخبأ في كف أو كم كما قال، بل الدخ نبت موجود بين النخيل والبساتين إلا أن يكون معنى خبأت أضمرت لك اسم الدخان فيجوز، والصحيح المشهور أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أضمر له آية الدخان وهي قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} قال القاضي: وأصح الأقوال أنَّه لم يهتد من الآية التي أضمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لهذا اللفظ الناقص على عادة الكهان لذا ألقى الشيطان إليهم بقدر ما يخطف قبل أن يدركه الشهاب، ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اخسأ فلن تعدو قدرك" أي القدر الذي يدرك الكهان من الاهتداء إلى بعض الشيء وما لا يتبين منه حقيقته ولا يصل به إلى بيان وتحقيق أمور الغيب اهـ نووي (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لابن صياد لما قال هو دخ (اخسأ) أي اسكت سكوت هوان وذل وحقارة، قال العيني: اخسأ كلمة زجر وإهانة أي اسكت صاغرًا ذليلًا (فـ) إنك (لن تعدو) أي لن تجاوز (قدرك) من حيرة الكهانة واختلاطها إلى درجة معرفة الغيب، وفي القاموس اخسأ مخصوص بزجر الكلب وطرده وتبعيده يقال عند طرده واخسأ ومنه قوله تعالى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨] قال القاضي: تغييره اسكتوا بسكوت هوان فإنها ليست مقام سؤال من خسأت الكلب إذا زجرته فخسأ اهـ (فقال عمر) - رضي الله عنه - (يا رسول الله دعني) أي اتركني (فأضرب عنقه) بالنصب بعد الفاء السببية الواقعة في جواب الأمر أي ليكن منك تركي فضربي إياه (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لعمر (دعه) أي دع ابن صياد واتركه على حاله حيًّا (فإن يكن) ابن صياد الدجال (الذي تخافـ) ـه وتظنه فإنك (لن تستطيع) ولن تقدر (قتله) أي قتل ذلك الدجال الذي تخاف فإن قاتله عيسى ابن مريم - عليه السلام -، وجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - ها هنا وفيما مر مختصر وقد ورد في حديث ابن عمر عند أبي داود في الملاحم رقم [٤٣٢٩] (إن يكن فلن تسلط عليه) يعني الدجال (وإلا يكن فلا خير في قتله) وكذلك وقع عند أحمد في مسنده ووقع في حديث جابر عند أحمد (إن يكن هو فلست صاحبه إنما صاحبه عيسى ابن مريم - عليه السلام - وإلا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلًا من أهل العهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>