لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أتشهد) يا محمَّد (أني رسول الله) يريد ابن صياد نفسه (فقال) له (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آمنت بالله وملائكته وكتبه، ما ترى) أي أي شيء ترى أنت يا ابن صياد (قال) ابن صياد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أرى عرشًا) وسريرًا (على الماء) أي على ماء البحر (فقال) له (رسول الله) - صلى الله عليه وسلم - لعلك (ترى عرش إبليس على البحر) قال الأبي: وانظر هل هذا العرش الذي يرى هو المذكور في حديث إن إبليس يضع عرشه على الماء ثمَّ يبعث سراياه (وما ترى) يا ابن صياد أي ما هو الشيء الذي تراه زائدًا على ما يراه العامة والذي تزعم أنَّه يخبرك عن المغيبات (قال) ابن صياد (أرى صادقين) بلفظ التثنية (وكاذبًا أو) قال (كاذبين) بلفظ التثنية أيضًا (وصادقًا، فقال رسول الله لبس عليه، دعوه).
قوله (آمنت بالله وملائكته وكتبه) وفي حديث ابن عمر الآتي قريبًا (آمنت بالله ورسله) والمعنى إني آمنت برسل الله تعالى ولست منهم وقد بيَّن بعض الشراح السبب في عدم التصريح بالإنكار عليه في دعوى رسالته لأنَّ ابن صياد لم يُصرّح بدعوى الرسالة وإنما سأله على طريق الاستفهام كما مر بقوله (أتشهد أني رسول الله) وليس فيه صراحة بأنه يدّعى كونه رسولًا ويحتمل أيضًا أنَّه أعاد نفس السؤال الذي طرحه عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تهكمًا ولم يقصد دعوى الرسالة فاحتاط النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرد عليه والله أعلم.
قوله (أرى صادقين وكاذبًا أو كاذبين وصادقًا) أي يأتيني شخصان يخبرانني بما هو صدق وشخص يخبرني بما هو كذب أو شخصان يخبرانني بالكذب وشخص واحد يخبرني بالصدق. والظاهر أن هذا التردد من ابن صياد نفسه وعليه مشى علي القاري في المرقاة [١٠/ ٢٢٥] فقال: والشك من ابن الصياد في عدد الصادق والكاذب يدل على افترائه إذ المؤيد من الله لا يكون كذلك، وقد وقع في حديث ابن عمر الآتي قريبًا يأتيني