الشام) أراد ببحر الشام ما يلي الجانب الشامي من البحر (أو) في (بحر اليمن) أراد به ما يلي الجانب اليمني من البحر، والبحر واحد وإنما ردد بينهما إما لأن الوحي لم يكن نازلًا بالتصريح بمحله بل قاله على ظن ثم عرض له ظن آخر وإما لتنقل الدجال من بعضها إلى بعض، قال القرطبي: هذا كله كلام ابتدئ على الظن ثم عرض له الشك أو قصد الإبهام ثم بقي ذلك كله وأضرب عنه بالتحقيق بقوله لا بل في المشرق، وقال الطيبي: لما تيقن صلى الله عليه وسلم بالوحي أنه من قبل المشرق نفى الأولين بقوله (لا) أي ليس في بحر الشام ولا في بحر اليمن وأثبت كونه في قبل المشرق بقوله (بل من قبل المشرق ما هو) وبل حرف إضراب، الإضراب الإبطال من قبل المشرق، جار ومجرور خبر مقدم، ما زائدة لتأكيد الكلام، هو مبتدأ مؤخر، والمعنى ليس هو في بحر الشام ولا في بحر اليمن بل هو في قبل المشرق، فالمراد إثبات أنه في جهة المشرق ثم أكد ذلك بما الزائدة وبالتكرار اللفظي مرتين، فقال (من قبل المشرق ما هو) أي بل هو في جهة المشرق (من قبل المشرق ما هو) أي بل هو في جهة المشرق (وأومأ) أي أشار (بيده) الشريفة في المرات الثلاث (إلى) جهة (المشرق) تأكيدًا لكلامه، فلا نافية لكونه في الأولين، وما زائدة، لا نافية، من قبل المشرق خبر مقدم، وهو مبتدأ مؤخر كما مر آنفًا، قال القرطبي: وهذا المعنى لا بعد فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يظن ويشك كما يسهو وينسى إلا أنه لا يتمادى ولا يقر على شيء من ذلك بل يرشد إلى التحقيق واليقين ويسلك به سواء الطريق. والحاصل من هذا الكلام أنه صلى الله عليه وسلم ظن أن الدجال المذكور في بحر الشام لأن تميمًا إنما ركب في بحر الشام ثم عرض له أنه في بحر اليمن لأنه يتصل ببحر متصل بالشام فيجوز ذلك ثم أطلعه العليم الخبير على تحقيق ذلك فحقق وأكد والله سبحانه أعلم اهـ من المفهم (قالت) فاطمة بنت قيس بالسند السابق (فحفظت هذا) الحديث من أوله إلى هنا (من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الملاحم باب في خبر