ناسًا من المسلمين إلى رابغ ليلقوا عبرًا لقريش فتراموا بالسهام ولم يكن بينهم مسايفة، وكانوا ستين راكبًا من المهاجرين، وفيهم سعد وعُقد له اللواء وهو أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتقى عبيدة وأبو سفيان الأموي وكان هو على المشركين وهذا أول قتال جرى في الإسلام وأول من رمى إليهم سعد وفيه أنشد سعد:
ألا هل جاء رسول الله أني ... حميت صحابتي بصدور نبلي
فما يعتد رام من معد ... بسهم مع رسول الله قبلي
اهـ عمدة القاري [٧/ ٦٤٥] قال قيس بن أبي حازم (و) سمعت سعدًا أيضًا يقول (لقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) و (ما لنا طعام نأكله إلا ورق الحُبلة وهذا السمر) ووقع في رواية السمر بفتح السين وضم الميم شجر معروف ذو شوك وكلاهما نوعان من شجر البادية وفيهما أشواك، ورواية البخاري أحسنها لأنه بين فيها أنهم يأكلون ثمر العضاه وورق شجر السمر، وفي الحديث بيان ما كانوا عليه من الزهد في الدنيا والصبر على المشاق في طاعة الله تعالى، قال النووي: فيه مدح الإنسان نفسه إذا احتاج إليه (حتى إن أحدنا) أي أحد المسلمين (ليضع) أي ليخرج فضلته كما تضع الشاة) أي مثل ما تخرج الشاة من البعر أي يخرجون عند قضاء حاجتهم فضلة كبعر الشاة في يبسها وعدم الغذاء المألوف، وزاد البخاري (ما له خلط) أي لا يختلط بعضه ببعض لجفافه (ثم) بعدما تحملنا المشاق في إقامة هذا الدين (أصبحت) أي صارت (بنو أسد تعزرني) أي تؤدبني وتعاقبني (على) تقصيري وتفريطي في شؤون هذا (الدين) المحمدي يعني في تضييع الصلاة وعدم حسنها، والله (لقد خبت) وخسرت (إذا) أي إذا كنت محتاجًا إليهم في معرفة الصلاة فقد خسرت (وضل عملي) فيما مضى حاشاه عن ذلك (ولم يقل ابن نمير) في روايته لفظة (إذا).
وزعم بعضهم أن المراد ببني أسد بنو الزبير بن العوام وهو وهم، والصحيح أن المراد بهم بنو أسد بن خزيمة بن مدركة كما حققه الحافظ في الفتح [٩/ ٨٤] وكانت بنو