للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أسد هؤلاء ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وتبعوا طليحة بن خويلد ثم تاب طليحة فسكن معظمهم الكوفة بعد ذلك أفاده الحافظ في الرقاق من الفتح [١١/ ٢٩] وكانوا ممن شكوا سعدًا إلى عمر فعزله عمر، وكان من جملة ما شكوا به أنه لا يُحسن الصلاة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الرقاق باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم [٦٤٥٣]، والترمذي في الزهد [٢٣٦٦]، وابن ماجه في المقدمة باب فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم [١١٨]، وأحمد [١/ ١٨١ و ١٨٦].

قوله (تعزرني على الدين) بتقديم الزاي على الراء من التعزير، قال الهروي: معناه توقفني، والتعزير التوقيف على الأحكام والفرائض، وقال ابن جرير: معناه تقومني وتعلمني، ومنه تعزير السلطان وهو تقويمه بالتأديب، وقال الجرمي: معناه اللوم والعتب، وقيل معناه توبخني على التقصير فيه اهـ نووي، قال القرطبي: هذه أقوال الشارحين في هذه الكلمة وفيها كلها بُعد عن معنى الحديث، والذي يظهر لي أن الأليق بمعناه أن التعزير معناه الإعظام والإكبار كما قال تعالى: {وَتُعَزِّرُوهُ} [الفتح: ٩]، أي تعظموه وتبرُّوه فيكون معناه على هذا أنه وصف ما كانت عليه حالتهم في أول أمرهم من شدة الحال وصعوبة العيش والجهد مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم إنهم اتسعت عليهم الدنيا وفُتحت عليهم الفتوحات وولوا الولايات فعظمهم الناس لشهرة فضلهم ودينهم وكأنه كره تعظيم الناس له وخص بني أسد بالذكر لأنهم أفرطوا في تعظيمه والله تعالى أعلم.

وهذا الذي ذكرناه هو الذي صرح به عتبة بن غزوان في الحديث الآتي بعد هذا حيث قال: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة وما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها فما أصبح منا اليوم أحد إلا أصبح أميرًا على مصر من الأمصار وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيمًا وعند الله صغيرًا، ويحتمل أن يكون هذا هو الذي عنى به سعد بن أبي وقاص والله تعالى أعلم.

وأما ما فسرت به المشايخ ذلك الكلام فيقتضي تفسيرهم أن بني سعد كانوا عتبوا

<<  <  ج: ص:  >  >>