عبد الله بن عمر قال مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر) منازل قوم ئمود. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سالم بن عبد الله لعبد الله بن دينار (فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا مساكن) القوم (الذين ظلموا أنفسهم) بالكفر فعذبوا (إلا أن تكونوا باكين حذرًا) أي تجنبا وخشية من (أن يصيبكم مثل ما أصابهم) من العذاب (ثم زجر) وحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته فسار سيرًا عجلًا (فأسرع) الخروج من الحجر (حتى خلفها) بتشديد اللام من التخليف أي حتى جعل الحجر خلفه خارجًا منها، قال القرطبي: قوله (حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم) أي خوفًا من أن تعاقبوا كما عوقبوا لأن أكثر المخاطبين والموجودين في ذلك الوقت كانوا ظالمين لأنفسهم إما بالكفر وإما بالمعاصي وإذا كان سبب العقوبة موجودًا فيهم تعين الخوف من وجود العقوبة فحق المار بموضع المعاقبين أن يجدد النظر والاعتبار ويكثر من الاستغفار ويخاف من نقمة العزيز الجبار وأن لا يطيل اللبث في تلك الديار (قوله ثم زجر فأسرع) أي زجر ناقته فأسرع بها في المشي، ويستفاد منه كراهة دخول أمثال تلك المواضع والمقابر فإن كان ولا بد من دخولها فعلى الصفة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتبار والخوف والإسراع وقد قال صلى الله عليه وسلم:"ولا تدخلوا أرض بابل فإنها ملعونة" أخرجه أبو داود من حديث علي أنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة [٤٩٠] قال النووي: ففي هذا الحديث الحث على المراقبة عند المرور بديار الظالمين ومواضع العذاب ومثله الإسراع في وادي محسر لأن أصحاب الفيل هلكوا هناك فينبغي للمار في مثل هذه المواضع المراقبة والخوف والبكاء والاعتبار بهم وبمصارعهم وأن يستعيذ بالله من ذلك اهـ منه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر هذا بحديث آخر له رضي الله عنهما فقال: