هريرة (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدت) أي مُسخت (أمة) أي جماعة (من بني إسرائيل لا يدرى) ولا يُعلم (ما فعلت) تلك الأمة أي لا يعلم أحد أين ذهبت هل ماتت أو مُسخت بحيوان آخر (ولا أُراها) بضم الهمزة أي ولا أظن تلك الأمة (إلا) أنها (الفأر) وهذا اللفظ صريح أنه كان ظنًّا منه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقر عليه كما سيأتي بيانها له بالوحي أن الفأر غير تلك الأمة المفقودة من بني إسرائيل، قال الأبي: ظاهره أنه لم يوح إليه بأنها هي وإنما قاله - صلى الله عليه وسلم - بظنه الصادق ولذلك استدل عليه بامتناع الفأر من شرب ألبان الإبل وشربها من لبن الغنم. قال (ط) لأن بني إسرائيل حُرمت عليهم لحوم الإبل وألبانها (قلت) وهو يدل على أن للممسوخ تمييزًا كما هو للقرد، ذكر الرشاطي أن قردًا اطلع على قرد مضطجع مع قردة فأتى بجماعة من القرود بيد كل واحد منها حجر فرجموا بها القرد والقردة حتى قتلوهما كرجم الزانيين اهـ من الأبي.
واستدل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما ظنه أولًا بقوله (ألا ترونها) أي ألا ترون الفأرة (إذا وُضع لها ألبان الإبل لم تشربه) أي لم تشرب ما وُضع لها من الألبان والظاهر أن يقال لم تشربها بضمير المؤنث العائد إلى الألبان (وإذا وُضع لها ألبان الشاء شربته) أي شربت ما ذكر من ألبان الشاء وعدم شرب الفأر من ألبان الإبل جُعل علامة على كونها أمة ممسوخة من بني إسرائيل لأن بني إسرائيل كان قد حُرم عليهم لحوم الإبل وألبانها فاحتمل أن تكون الفأر تجتنب من شرب ألبانها لكونها أمة مُسخت من بني إسرائيل.
وذكر الحافظ في الفتح [٦/ ٣٥٣] أن ذلك كان ظنًّا من النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يعلم بالوحي أن الممسوخ لا نسل له ولا عقب كما ورد في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - (قال أبو هريرة) بالسند السابق (فحدّثت هذا الحديث كعبًا) بن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار أدرك الجاهلية، وأسلم أيام أبي بكر كان على دين