غير ذلك، فذلك الكبر معصية وكبيرة، يخاف على المتلبس بها المصر عليها، أن تفضي به إلى الكفر، فلا يدخل الجنة أبدًا، فإن سلم من ذلك، ونفذ عليه الوعيد، عوقب بالإذلال والصغار، أو بما شاء الله من عذاب النار، حتى لا يبقى في قلبه من ذلك الكبر مثقال ذرة، وخلص ممن خبث كبره، حتى يصير كالذرة، فحينئذ يتداركه الله تعالى برحمته، ويخلصه بإيمانه وبركته، وقد نص على هذا المعنى النبي صلى الله عليه وسلم في المحبوسين على الصراط، لما قال "حتى إذا هذبوا ونقوا أُذن لهم في دخول الجنة" رواه أحمد والبخاري انتهى.
(قال رجل) من الحاضرين، قال القاضي: هو مالك بن مرارة الرهاوي، قال النواوي: "مُرارة" بضم الميم، والرهاوي بفتح الراء، ونسبه بعضهم إلى رُها بضمها حيٌّ من مذحج، وذكر الحافظ أبو القاسم خلف بن عبد الملك ابن بشكوال في اسم الرجل السائل، أقوالًا كثيرة: قيل هو عبد الله بن عمرو بن العاص، ذكره معمر في جامعه، وقيل: خريم بن فاتك، وقيل: معاذ بن جبل، هذا ما ذكره ابن بشكوال (إن الرجل) منا (يحب أن يكون ثوبه) ولباسه (حسنًا) أي جميلًا نظيفًا فاخرًا (و) أن يكون (نعله) وخفه (حسنة) أي فاخرة جميلة، قال الأبي: هذه المحبة وإن كانت بالطبع، فهي بعد ورود هذا الحديث شريعة، فيستحب العمل بجيمع ما تضمنه، لأن ما يحبه الشرع مطلوب، وتوهم الرجل بأن ذلك من الكبر، فأجيب بأنه ليس منه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبًا للرجل السائل، ليس الكبر المذموم كما زعمت من التجمل في اللباس والنعال، فإن ذلك محبوب عند الله تعالى فـ (إن الله) سبحانه وتعالى (جميل) أي منزه عن كل النقائص (يحب) ويرضى لعباده (الجمال) أي التجمل والتزين في اللباس والثياب في صلواتهم وفي مساجدهم، إنما (الكبر) المذموم عند الله تعالى الذي يمنع صاحبه من دخول الجنة أصلًا، أو ابتداءًا هو (بطر الحق) أي دفعه وإنكاره، وعدم قبوله، ترفعًا عنه وتجبرًا، والحق كل معروف في الشرع (وغمط الناس) أي إهانة الناس واحتقارهم، وعدم المبالاة بهم، يقال في الفعل منه غمطه يغمطه، من باب ضرب، وغمطه من باب علم.
قوله (إن الله جميل يحب الجمال) الجمال لغة هو الحسن، يقال: جَمُل الرجل