للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله (أرأيت إن جاء رجل من الكفار فقاتلني) فيه دليل على جواز السؤال عن أحكام النوازل قبل وقوعها، وقد روي عن بعض السلف كراهية الكلام في النوازل قبل وقوعها، وهذا إنما يُحمل على ما إذا كانت المسائل مما لا تقع، أو تقع نادرًا، فأما ما يتكرر من ذلك ويكثر وقوعه، فيجب بيان أحكامها على من كانت له أهلية ذلك، إذا خيف الثغور "خلو الزمان" عن المجتهدين والعلماء في الحال، أو في الاستقبال، كما قد اتفق عليه أئمة المسلمين من السلف، لما توقعوا ذلك فرعوا الفروع ودونوها، وأجابوا عما سُئلوا عنه من ذلك، حرصًا على إظهار الدين وتقريبًا على من تعذرت عليه شروط الاجتهاد من اللاحقين اهـ قرطبي.

قال الأبي: قال ابن المنير: كان الإمام مالك لا يُجيب في مسألة حتى يسأل، فإن قيل نزلت أجاب، وإلا أمسك عن الجواب، ويقول: بلغني أن المسألة إذا نزلت أُعين عليها المتكلم، وإلا خُذل المتكلف، ولذا كان أصل مذهبه إنما هي أجوبة لا مسائل مرتبة، ومن ثم صعب مذهبه.

قلت: وزاده صعوبة ما اتسع فيه أهل مذهبه من التفريعات والفروض، حتى إنهم فرضوا ما يستحيل وقوعه عادةً، فقالوا: ولو وطئ الخنثى نفسه فوُلد له هل يرث بالأبوة أو بالأمومة، وأنه لو تزايد له ولد من ظهره، وآخر من بطنه لم يتوارثا لأنهما لم يجتمعا في ظهرٍ ولا بطنٍ، وفرضوا مسألة الستة حملاء، واجتماع عيد وكسوف، مع أنه يستحيل عادة، واعتذر عن ذلك بعضهم بأنهم فرضوا ما يقتضيه الفقيه بتقدير الوقوع، ورده المازري: بأن تقدير الخوارق ليس من شأن الفقهاء اهـ أبي.

قال السنوسي: ولو اشتغل الإنسان بما يخصه من واجب ونحوه، ويتعلم أمراض قلبه وأدويتها، وإتقان عقائده، والتفقه في معنى القرآن والحديث، لكان أزكى لعمله، وأضوأ لقلبه، لكن النفوس الردية وإخوتها من شياطين الإنس والجن لم تترك العقل أن ينفذ لوجه مصلحة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم اشغلنا بك عما سواك، واقطع عنا كل قاطع يقطعنا عنك يا أرحم الراحمين انتهى.

وقوله (لاذ مني بشجرة) أي استتر، يقال: لاذ يلوذ لواذًا، إذا استتر، والملاذ ما يستتر به

وقوله (أسلمت لله) أي دخلت في دين الإسلام، وتدينت به، وفيه دليل على أن كل

<<  <  ج: ص:  >  >>