للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِي شَيءٍ لا يَمْلِكُهُ"

ــ

بتلك الملة الباطلة معظمًا لها على نحو ما تعظم به ملة الإسلام الحق، فلا فرق بين أن يكون صادقًا أو كاذبًا في المحلوف عليه، والله تعالى أعلم.

وأما إذا كان الحالف بذلك غير معتقد لذلك فهو آثم، مرتكب كبيرة، إذ قد نسب نفسه في قوله وحلفه إلى من يُعظم تلك الملة ويعتقدها فغلظ عليه الوعيد بأن صيره كواحد منهم مبالغة في الردع والزجر كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} المائد: ٥١]، وقال ابن المبارك: كل ما ظاهره تكفير ذي الذنب فإنما هو تغليظ، واختلف العلماء هل تجب كفارةٌ عليه أم لا؟ فذهب الجمهور أنه لا كفارةَ على من حلف بذلك، وإن كان آثمًا وهو الصحيح، كما قاله الإمام مالك لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله" رواه البخاري تعليقًا (١١/ ٥٣٧) ولم يوجب عليه أكثر من ذلك، ولو كانت الكفارة واجبة لبينها النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وقد ذهب بعض العراقيين إلى وجوب الكفارة عليه، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى اهـ.

نعم يستحب لقائل ذلك أن يُكثر من فعل الخير كما أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله: فليقل لا إله إلا الله، لأن الحسنات يذهبن السيئات.

(ومن قتل نفسه) في الدنيا (بشيء) من المُزهقات سواء كان آلة أم لا (عُذب به) أي بذلك الشيء (يوم القيامة) في نار جهنم، وهذا محل الاستشهاد لحديث أبي هريرة (وليس على رجل) وكذا المرأة (نذر) أي وفاءُ نذرٍ واقعٍ منه (في شيء لا يملكه) عتقًا كان أو طلاقًا أو صدقة.

وعبارة المفهم هنا (وقوله ليس على رجل نذر في شيء لا يملكه) هذا صحيح فيما إذا باشر النذرُ مِلكَ الغير، كما إذا قال: لله عليّ عتق عبد فلان أو هديُ بدنة فلان، ولم يعلق شيئًا من ذلك على ملكه له فلا خلاف بين العلماء أن ذلك لا يلزمه منه شيء، غير أنه حُكي عن ابن أبي ليلى في العتق أنه إذا كان موسرًا عتق عليه، ثم رجع ابن أبي ليلى عنه، وإنما اختلفوا فيما إذا علق العتق أو الهدي أو الصدقة على الملك مثل أن يقول: إن ملكت عبد فلان فهو حر، فلم يُلزمه الشافعي شيئًا من ذلك عمَّ أو خص تمسكًا بهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>