قال السنوسي: وفيه نظر لأنه لفظ عرفي، وُضع عرفًا لما وضع له اللعن لغة، أو المقصود به عرفًا ما يقصد باللعن لغة، وإن وقع اللحن في اللفظ، والقصد له أثر في نقل الألفاظ كما هو المختار في الطلاق، إذا قال لزوجته اسقيني الماء وقصد به الطلاق اهـ.
والحديث إنما هو في لعن المعين لا في اللعن في الصفة نحو لعن الله السارق فإن ذلك جائز لكثرة وروده اهـ أبي.
(ومن قتل نفسه بشيء) من المزهق (في الدنيا عُذب به) أي بذلك الشيء الذي قتل به نفسه (يوم الفيامة) إظهارًا لعمله القبيح (ومن ادعى) لنفسه شيئًا من الفضائل ونسبه إليها سواء كان علمًا أو مالًا أو عملًا صالحًا أو غيرها أي ادعاه لنفسه (دعوى كاذبة) أي باطلة ليس لها أساس.
قوله (كاذبة) قال النواوي: هذه هي اللغة الفصيحة يقال: دعوىً باطلٌ وباطلةٌ، وكاذبٌ وكاذبةٌ حكاهما صاحب المحكم، والتأنيث أفصح اهـ.
(ليتكثر) قال النواوي: ضبطناه بالثاء المثلثة بعد الكاف، وكذا هو في معظم الأصول، وهو الظاهر، وضبطه بعض الأئمة المعتمدين في نسخته بالباء الموحدة، وله وجه وهو بمعنى الأول أي ليصير ماله كبيرًا عظيمًا اهـ.
أي ليجعل ما عنده من الفضائل (بها) أي بتلك الدعوى الكاذبة كثيرًا أو كبيرًا (لم يزده الله) أي لم يزد الله سبحانه وتعالى لذلك المدعي (إلا قلة) في فضائله التي يدعيها دعوى كاذبة، وعبارة المفهم هنا يعني والله أعلم أن من تظاهر بشيء من الكمال، وتعاطاه وادعاه لنفسه وليس موصوفًا به لم يحصل له من ذلك إلا نقيض مقصوده وهو النقص فإن كان المدعى مالًا لم يبارك له فيه، أو علمًا أظهر الله جهله فاحتقره الناس فقل مقداره عندهم وكذلك لو ادعى دينًا أو نسبًا أو غير ذلك فضحه الله وأظهر باطله فقل مقداره عند الناس، وذل في نفسه فحصل على نقيض قصده، وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم:"من أسر سريرة ألبسه الله تعالى رداءها" ونحو قوله تعالى: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}[آل عمران: ١٨٨]، وقوله عليه الصلاة والسلام:"المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور" رواه مسلم والنسائي من حديث عائشة رضي الله عنها.