للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الإِمام أبو العباس القرطبي: (وهذا دليلٌ على اشتراط العدالة في الشهادة، ومعناها في اللُّغة: الاستقامةُ، والاعتدالُ ضِدُّ الاعوجاج، ويُقال: عَدْل من العدالة والعدولة، ويُقال: عدل للواحد وللاثنين ولجماعة المذكر والمؤنث بلفظٍ واحدٍ إِذا قُصِدَ به قصدَ المصدر، وإِذا قصد به الصفةَ .. ثُنِّيَ وجُمع وذُكِّر وأُنّث، وهي عند أئمَّتنا: اجتنابُ الكبائرِ، واتّقاءُ الصغائرِ وما يُنَاقِضُ المروءةَ ويزْرِي بالمناصب الدينية.

والعبارةُ الوجيزةُ عنها هي: حُسْنُ السِّيرة واستقامةُ السَّرِيرة شرعًا في ظنّ المُعَدِّل، وتفصيلُها في الفروع.

وهل يُكتفى في ظنّ حصول تلك الأحوال في العَدْل بظاهر الإِسلام مع عدم الاطّلاع على فسقٍ ظاهرٍ أو لا بُدَّ من اختبار حاله حتى يُظَنّ حصول تلك الأمور في المُعَدّل؟ قولان لأهل العلم:

الأول: مذهبُ أبي حنيفة.

والثاني: مذهبُ مالكِ والشافعيِّ والجمهورِ، وهو مَرْويٌّ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وعلى مذهب أبي حنيفة: فشهادةُ المسلمِ المجهولِ الحال مقبولةٌ، وهي على مذهب الجمهور مردودة.

وقد أفادت الآيتان معنيَينِ:

أحدُهما: اعتبارُ اجتماع أوصاف العدالة التي إِذا اجْتَمَعَتْ .. صَدَقَ على الموصوف بها أنه عَدْلٌ.

والثاني: اعتبارُ نفي القوادح التي إِذا انتفتْ .. صَدَقَ على من انتفتْ عنه أنه مَرْضِيٌّ.

فلابُدَّ من اجتماع الأمرين في قبول الشهادة، ولذلك لا يُكتفى عندنا في التزكية بأن يقول المزكّي: هو عَدْلٌ فقط، بل حتى يقول: هو عدلٌ مَرْضِيٌّ، فيَجْمَعَ بينهما.

وأمَّا في الأخبار: فلا بُدَّ من اعتبار المعنى الأول، ولا يُشترط الثاني فيها؛ إِذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>