وقوله (كجمر) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الوكت والمجل ولكنه على تقدير مضاف أي حالة كون أثر الوكت والمجل مثل أثر جمر، وشعلة نار أو أثر حصى (دحرجته) أي دحرجت ذلك الحجر وأسقطته (على رجلك) أي على عضو رجلك (فنفط) عضو الرجل، أي تنفط وانتفخ عضو الرجل، أي الموضع الذي وقع عليه الجمر والحصى من الرجل (فتراه) أي فترى ذلك الموضع الذي وقع عليه الجمر (منتبرًا) أي مرتفعًا منتفخًا (وليس فيه) أي في ذلك الموضع المنتفخ (شيء) من ماء ولا لحم ولا دم، أو المعنى أي تأثير ما بقي من الأمانة عنده كتأثير جمر، فيخيل للرائي أن الرجل ذو أمانة، وهو في ذلك بمثابة نقطة تراها متنفطة مرتفعة كبيرة لا طائل تحتها، وليس فيها شيء صالح، بل ماء فاسد، وعلى هذا المعنى يكون الجار والمجرور في قوله "كجمر" خبرًا لمبتدأ محذوف كما قدرنا.
وقوله (كجمر) في القاموس الجمرة: النار المتقدة، تُجمع على جمر، كثمرة وثمر، والحصاة وهو المراد هنا بدليل ما بعده من قوله: ثم أخذ حصاة إلخ، وقوله (دحرجته) يقال دحرجه دحرجة ودحراجًا فتدحرج أي تتابع في حدورٍ وهبوطٍ من علو إلى سُفلٍ، والمُدَحْرَجُ المُدور، والدحروجة ما يدحرجه الجعل من بنادق الروث أو الغائط اهـ والمعنى كحصى دحرجته وأسقطته على ظهر قدمك فأثر فيه فترى أثره منتفخًا مرتفعًا ليس فيه شيء من ماء ولا لحم، وقوله (فنفط فتراه منتبًا) تذكير الفعل المسند إلى الرِّجْل، وكذا تذكير الضمير في قوله (فتراه منتبرًا) مع أن الرجل مؤنثة بالنظر إلى كونها بمعنى العضو كما في النواوي، والانتبار هو التورم والانتفاخ، وكل مرتفع منتبر، ومنه اشتق المنبر.
وعبارة المفهم هنا قوله (منتبرًا) أي منتفخًا من الانتبار وهو الارتفاع ومنه انتبر الأمير إذا صعد على المنبر، وبه سمي المنبر لارتفاعه، ونبر الجرح أي ورم، والنبر نوع من الذباب يلسع الإبل فيرم مكان لسعه، وكل شيء ارتفع فقد نبر، وقال أبو عبيد: منتبرًا أي متنفطًا.
وقوله (ثم أخذ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (حصىً) من الحصيات أي حصاة، ووقع في بعض الأصول "ثم أخذ حصاة فدحرجه" بإفراد لفظ الحصاة وهو صحيح