للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجِزْيَةَ، وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيهَا، وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ، وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى مَالِ اللهِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ"

ــ

(الجزية) فلا يقبلها بل لا يقبل إلَّا الإِسلام (ولتتركن القلاص) بكسر القاف جمع قلوص بفتحها وهي من الإبل كالفتاة من النساء والحدث من الرجال وهو نظير قوله تعالى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (٤)} أي يزهد النَّاس فيها ولا يرغبون في اقتنائها لكثرة الأموال وقلة الآمال وعدم الحاجة والفقر والفاقة والعلم بقرب القيامة، وهذه الجملة معطوفة على جملة قوله "لينزلن" (فلا يسعى عليها) بضم الياء على صيغة المجهول أي لا يعتنى بها ولا يهتم بشأنها بل يتساهل أهلها فيها ولا يعتنون بها وهذا هو المعنى الظاهر، وقال القاضي عياض وصاحب المطالع معنى (لا يسعى عليها) أي لا يبعث إليها ساع ولا تطلب زكاتها إذ لا يوجد من يقبلها وهذا تأويل غير صحيح لعدم سقوط الزكاة بغنى النَّاس كما قدمنا والصواب التأويل الأول كما قال النووي، وإنما خصت القلاص بالذكر لكونها أشرف الإبل التي هي أنفس الأموال عند العرب، وجملة قوله "فلا يسعى عليها" معطوفة مفرعة على جملة "لتتركن"، وجملة قوله (ولتذهبن الشحناء) معطوفة على جملة "ينزلن" أو "تتركن" أي ولترفعن الشحناء أي العداوة الظاهرة بين النَّاس حتَّى بين الحيوانات المؤذية فيما بينها أنفسها وفيما بينها وبين النَّاس، وفي حديث أبي داود "ويضع الله الأمانة في الأرض فلا يبقى بين اثنين عداوة، فترتع الأسود والنمور مع الإبل والبقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الغلمان بالحيات لا يضر بعضها بعضًا(والتباغض) أي العداوة الباطنة من البغض وهو ضد الحب (والتحاسد) من الحسد وهو أن يتمنى زوال نعمة الله على المسلم وهو مذموم من الكبائر بخلاف الغبطة وهي أن تتمنى أن يكون لك مثلها من غير أن تزول عنه ويسمى أَيضًا بالتنافس (وليَدعُونَّ) بفتح الياء وضم العين وتشديد النُّون وفاعله ضمير عيسى - عليه السلام -، أي وليدعون عيسى - عليه السلام - النَّاس (إلى مال الله فلا يقبله) أي فلا يقبل المال من عيسى - عليه السلام - (أحد) من النَّاس لغنى النَّاس وعدم المحتاجين. اهـ من "المرقاة" لملا علي. وفي نسخة (وليدعون) بضم الياء وفتح العين وضم الواو وتشديد النُّون على صيغة المبني للمجهول والواو لجماعة الغائبين نائب فاعل أي وليدعى النَّاس إلى المال فلا يقبله أحد والداعي إما عيسى - عليه السلام - وإما غيره من أرباب الأموال، وإنما لا يقبله أحد لما قدمنا من كثرة الأموال وقصر الآمال وعدم الحاجة وقلة الرغبة فيه للعلم بقرب الساعة لأن عيسى علم من أعلام الساعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>