فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي، أَصْبِحِي طَالِعَةً مِن مَغْرِبِكِ، فَتُصْبحُ طَالِعةً من مَغرِبِهَا". فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ: "أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ؟ ذَاكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيرًا
ــ
في طلوعها من مطلعها (فيقال لها ارتفعي) من سجودك. و (أصبحي) وكوني في الصباح (طالعة من مغربك) أي من محل غروبك ولا ترجعي إلى مطلعك (فتصبح) أي فتكون في الصباح (طالعة من مغربها) إشعارًا بانتهاء الدنيا وخرابها وتغير نظامها المعتاد (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمن عنده (أتدرون متى ذاكم) أي هل تعلمون في أي زمن يقع ذاك أي طلوعها من مغربها، واسم الإشارة راجع إلى طلوعها من مغربها، والكاف حرف دال على خطاب الحاضرين، فإن لم تعلموا متى يقع ذاك فأنا أخبركم وأقول لكم (ذاك) أي زمن طلوعها من مغربها (حين لا ينفع) أي زمن لا ينفع فيه (نفسًا إيمانها) إذ ذاك أي لا ينفع نفسًا (لم تكن آمنت من قبل) أي من قبل ذلك (أو) لم تكن (كسبت في إيمانها خيرًا) وعملًا صالحًا، إيمانها وعملها في ذلك اليوم لانغلاق باب التوبة وارتفاع الحفظة إلى السماء.
وفي المراح (قوله: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}) أي لحد معين ينتهي إليه دورها فتقف في مستقر لها ولا تنتقل عنه، ومستقرها هو مكان تحت العرش تسجد فيه كل ليلة عند غروبها فتستمر ساجدة فيه طول الليل، فعند طلوع النهار يؤذن لها في أن تطلع من مطلعها أولًا، فإذا كان آخر الزمان لا يؤذن لها في الطلوع من المشرق بل يقال لها: ارجعي من حيث جئت فتطلع من المغرب، وقرئ (لا مستقر لها) على أن لا بمعنى ليس. اهـ
قال النواوي (قوله حتَّى تنتهي إلى مستقرها) اختلف المفسرون، فقال جماعة بظاهر الحديث، قال الواحدي: وعلى هذا القول إذا غربت كل يوم استقرت تحت العرش إلى أن تطلع من مغربها، وقال قتادة ومقاتل: معناه تجري إلى وقت لها وأجل لا تتعداه، قال الواحدي: وعلى هذا مستقرها انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وهذا اختيار الزجاج، وقال الكلبي: تسير في منازلها حتَّى تنتهي إلى آخر مستقرها الذي لا تجاوزه ثم ترجع إلى أول منازلها، واختار ابن قتيبة هذا القول. والله أعلم.
وأما سجود الشَّمس فهو بتمييز وإدراك يخلقه الله تعالى فيها. اهـ منه