(الخامس) أن يتراءى له جبريل في صورته التي خلق عليها له ست مائة جناح ينثر منها اللؤلؤ والياقوت (السادس) أن يكلمه الله سبحانه وتعالي من وراء الحجاب في اليقظة كما في ليلة الإسراء، وفي المنام كما في حديث الترمذي:"أتاني ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أدري! فوضع كفه على كتفي فوجدت بردها بين ثديي وتجلى لي علم كل شيء، فقال لي: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، قال: وما هن؟ قلت: الوضوء عند الكريهات ونقل الأقدام إلى الحسنات وانتظار الصلاة إلى الصلاة، فمن فعل ذلك عاش حميدًا ومات شهيدًا وكان في ذنوبه كيوم ولدته أمه".
(السابع) هو ما ثبت عن الشعبي من طرق صحاح أنه صلى الله عليه وسلم كان وكل به إسرافيل ثلاث سنين ويأتيه بالكلمة من الوحي والشيء ثم وكل به جبريل فجاءه بالقرآن، والحصر في السبعة استقرائي، قال السهيلي: ولم أره لغيري. اهـ من الأبي.
وقوله (إلا جاءت مثل فلق الصبح) قال القاضي: فلق الصبح وفرقه ضياؤه وإنما يقال في الشيء إذا اتضح، وقال الأبي: صدق رؤياه صلى الله عليه وسلم يكون بخروجها نحو ما رأى كرؤياه دخول المسجد الحرام، ويكون بصدق التأويل كرؤياه بقرًا تنحر في غزوة أحد أنه أدخل يده في درع حصينة وأولها بالمدينة، قال ابن رشد: رؤيا الأنبياء عليهم السلام لازمة الوقوع لأنها حق لا أضغاث فيها ولا تخيل ولا مدخل للشيطان فيها ورؤيا غيرهم قد لا تخرج كما عبرت، ولهذا جعلها النبي صلى الله عليه وسلم جزءًا من خمسة وأربعين جزءًا أو من ستة وأربعين جزءًا أو من سبعين جزءًا من النبوة أي في الإخبار عن الغيب إذ لو خرجت كلها كما عبرت لكانت نبوة، والرؤيا الصالحة: المبشرةُ بخير. اهـ
(ثم حبب إليه) صلى الله عليه وسلم (الخلاء) أي الخلوة والانعزال والابتعاد من الناس أي ألهمه لينقطع عن العلائق الشاغلة ويتفرغ للقاء رسل ربه تعالي وسماع وحيه، وفي هذا تنبيه على فضل العزلة لأنها تريح القلب من الشغل بالدنيا وتفرغه لذكر الله تعالي فيتفجر منه ينابيع الحكمة والمعرفة، والخلوة: أن يخلو عن غيره بل وعن نفسه بربه وعند ذلك يصير خليقًا بان يكون قالبه ممرًا لواردات علوم الغيب وقلبه مقرًا لها وخلوته