(ترجف) بضم الجيم أي تخفق وتضطرب وترتعد (بوادره) جمع بادرة وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الإنسان لما فاجأه من الأمر المخالف للعادة والمألوف فنفر طبعه البشري وهاله ذلك ولم يتمكن من التأمل في تلك الحالة لأن النبوة لا تزيل طباع البشرية كلها (حتى دخل) غاية للرجوع، وفي رواية البخاري "فدخل"(على خديجة) بنت خويلد أم المؤمنين التي ألف تأنيسها له فاعلمها بما وقع له (فقال) صلى الله عليه وسلم (زملوني زملوني) بكسر الميم مع التكرار مرتين أمر من التزميل وهو التلفيف أي لفوني بالثياب وغطوني بها، وقال ذلك لشدة ما لحقه من هول الأمر وشدة الضغط والعادة جارية بسكون الرِّعدة بالتلفُّف، وجمع الضمير في (زملوني) تعظيمًا لأهله أعني خديجة جريًا على عادة الإنسان لأنه يخاطب زوجته بصيغة الجمع (فزملوه) بفتح الميم أي لفوه بالثياب (حتى ذهب عنه الروع) بفتح الراء أي الفزع (ثم قال) صلى الله عليه وسلم (لخديجة) رضي الله تعالى عنها (أي خديجة) أي يا خديجة (ما لي) أي شيء عجيب ثبت لي، فـ (ما) تعجبية في محل الرفع مبتدأ والجار والمجرور خبره، قال الأبي: هو استعظام وخوف أن لا يطيق ما حمل من النبوة لا شك فيه وجملة قوله (و) قد (أخبرها) أي أخبر خديجة (الخبر) أي خبر ما رأى حال من فاعل (قال)، وقوله (قال) تأكيد لـ (قال) الأول وهو ساقط في رواية البخاري أي قال رسول الله لخديجة والله (لقد خشيت) وخفت (على نفسي) الموت من شدة الرعب أو المرض كما جزم به في بهجة النفوس، أو أني لا أطيق حمل أعباء الوحي لما لقيته أولًا عند لقاء الملك وليس معناه الشك في أن ما أتى من الله تعالى، وأكد باللام وبـ (قد) تنبيهًا على تمكن الخشية من قلبه المقدس وخوفه على نفسه الشريفة، وعبارة القاضي عياض هنا: (قوله: "لقد خشيت على نفسي" ليس بمعنى الشك فيما أتاه من الله تعالى لكنه عساه خشي أنه لا يقوى على مقاومة هذا الأمر ولا يقدر على حمل أعباء الوحي فتزهق نفسه أو ينخلع قلبه لشدة ما لقيه أولًا من لقاء الملك أو يكون قوله هذا لأول ما رأى التباشير في النوم واليقظة وسمع الصوت قبل لقاء الملك وتحقيقه رسالة ربه فيكون ما خاف أولًا أن يكون