إلى الأرض، وقال السهيلي: ثبتت رواية أنه صلى بهم عند الأكثر وهي مقدمة على رواية من نفى (ثم) بعد فراغي من صلاة ركعتين (خرجت) من المسجد (فجاءني جبريل عليه السلام) حين أخذني من العطش أشد ما أخذني (بإناء) مملوء (من خمر وإناء) مملوء (من لبن) شبه ضيافة القادم فخيرني بينهما (فاخترت اللبن) أي إناءه فاخذته، وقد جاء في بعض الروايات أنه خيره فاختار اللبن (فقال) لي (جبريل - عليه السلام - اخترت الفطرة) أي الخلقة الأصلية وهي فطرة الإسلام أو الاستقامة أو الحنيفية، قال: وفسروا الفطرة هنا بالإسلام والاستقامة ومعناه والله أعلم اخترت علامة الإسلام والاستقامة وجعل اللبن علامة عليها لكونه سهلًا طيبًا طاهرًا سائغًا للشاربين سليم العاقبة، بخلاف الخمر فإنها أم الخبائث وجامعة لأنواع الشر في الحال والمآل، وقال القاضي: لما كان اللبن حلالًا والخمر حرامًا صوب جبريل إيثاره اللبن، وفيه نظر لأن هذه الخمر ليست بحرام لأنها إن كانت من خمر الجنة فواضح وإن كانت من خمر الدنيا فلم تكن حينئذ حرمت لأنها إنما حرمت عام خيبر والله أعلم (ثم) بعد ما اخترت اللبن وشربته (عرج) بفتح العين والراء من باب قعد أي صعد (بنا) جبريل - عليه السلام - (إلى السماء) أي إلى سماء الدنيا، وتسمى برفيع مصغرًا وهي موج مكفوف، سميت بسماء الدنيا لدنوها وقربها إلى الأرض (فاستفتح) أي فطلب (جبريل) - عليه السلام - فتح باب سماء الدنيا من خازنها بدقه (فقيل) له أي فقال خازن سماء الدنيا لجبريل (من أنت) أي من المستفتح للباب بدقه وفي قوله (فاستفتح) أن للسماء أبوابًا وبوابين يحفظونها حقيقة، وفيه مشروعية الاستئذان بدق الباب (قال) جبريل - عليه السلام - للخازن أنا (جبريل) وفي قوله (أنا جبريل) بيان الأدب فيمن استأذن بدق الباب ونحوه فقيل له من أنت؟ فينبغي أن يقول: أنا زيد، مثلًا إذا كان اسمه زيدًا ولا يقول أنا لصحة النهي عن أن يقول أنا لما فيه من الإبهام فلا فائدة فيه (قيل) لجبريل (ومن معك؟ قال) جبريل معي (محمد) صلى الله عليه وسلم (قيل) لجبريل أ (وقد بعث إليه) أي إلى محمد صلى الله عليه وسلم قال القاضي عياض: وفي