قول الملك (أو قد بعث إليه؟ ) دليل على أن الملائكة عليهم السلام لا تعلم من الوحي المنزل إلا ما أعلموا بنزوله لأنه صلى الله عليه وسلم أرسل إليه منذ مدة، وقيل معنى (أوبعث إليه) أي للعروج لأن إرساله كان مستفيضًا في السماء، وقيل إنهم كانوا يعلمون أنه يرسل وأما في أي وقت فلا، قال الأبي: قال السهيلي: يؤيد أنه للعروج تعدية الفعل بإلى وإلا لقيل أوبعث على أن في رواية أنس أن ملائكة سماء الدنيا قالوا: أوبعث ولم يثبت أنهم قالوه إلا في رواية أنس. اهـ
قال النواوي: قول الملك (وقد بعث إليه) أي للإسراء وصعود السماوات وليس مراده الاستفهام عن أصل البعثة والرسالة فإن ذلك لا يخفى عليه إلى هذه المدة فهذا هو الصحيح والله أعلم. اهـ
(قال) جبريل (قد بعث إليه ففتح لنا) الباب أي فتحه الخازن لأجلنا، قال الأبي: فتحه الباب دون استئذان من الرب سبحانه يدل على أنه قدم له الإذن في ذلك وإلا فمن وكل إليه حفظ باب لا يفتحه إلا بإذن (فـ) لما فتح لنا وعلونا السماء (إذا أنا) راء (بآدم) أبي البشر - عليه السلام - (فـ) لما رآني آدم - عليه السلام - (رحب بي) أي قال لي مرحبًا أي أصبت رحبًا لا ضيقًا وهي كلمة تقال عند تأنيس القادم (ودعا لي بخير) الدنيا والآخرة، ولقاؤه آدم - عليه السلام - يدل على أنه لقي الأرواح إلا في عيسى - عليه السلام - ويحتمل أنه لقي الأجساد (ثم عرج) وصعد (بنا) جبريل - عليه السلام - من السماء الدنيا (إلى السماء الثانية) وتسمى بـ (أرفلون) وهي من مرمرة بيضاء، وما بين سماء الدنيا والأرض خمس مائة عام كما بين كل سماءين إلى السابعة، والإتيان بضمير الجمع في قوله (بنا) يدل على أنه كان معهما ملائكة آخرون ولعله كانا كلما عديا سماء تشيعهما الملائكة حتى يصلا سماء أخرى (فاستفتح جبريل - عليه السلام -) أي طلب فتح باب السماء الثانية من خازنها بدقه (فقيل) لجبريل (من أنت؟ ) الذي يدق الباب (قال) جبريل أنا (جبريل، قيل) له (ومن معك؟ قال) جبريل معي (محمد) صلى الله عليه وسلم (قيل) لجبريل أ (وقد بعث إليه) للعروج (قال) جبريل (قد بعث إليه) للعروج (ففتح لنا) باب السماء