تقريبًا (عن مسروق) بن عبد الرحمن بن مالك بن أمية الهمداني أبي عائشة الكوفي، ويقال له ابن الأجدع وهو لقب أبيه، قال ابن معين: ثقة لا يسأل عن مثله سمي مسروقًا لأنه سرقه إنسان في صغره ثم وجد، ثقة فقيه مخضرم عابد من الثانية مات سنة (٦٣) ثلاث وستين روى عنه في (١١) بابا، وليس في مسلم مسروق إلا هذا.
(قال) مسروق (كنت متكئًا) أي جالسًا معتمدًا على نحو وسادة لعله لعذر (عند عائشة) الصديقة بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما زوج النبي صلى الله عليه وسلم وحبيبته صلى الله عليه وسلم، لها (٢٢١٠) ألفان ومائتان وعشرة أحاديث اتفقا على (١٧٤) وانفرد (خ) في (٥٤) و (م) في (٦٨) حديثًا، وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم بصريان واثنان كوفيان وواحد مدني وواحد نسائي، وفيه رواية تابعي عن تابعي: الشعبي عن مسروق (فقالت) عائشة (يا أبا عائشة) كنية مسروق (ثلاث) خصال (من تكلم بواحدة منهن) واعتقدها (فقد أعظم) أي فقد افترى (على الله) سبحانه (الفرية) العظيمة واختلقها من عند نفسه، والفرية بكسر الفاء وإسكان الراء الكذب، يقال فرى الشيء يفريه فريًا وافتراء وافتراه يفتريه افتراء إذا اختلقه وجمع الفرية فرىً، وفي المفهم الفرية هي الافتراء وهو اختلاق الكذب وما يقبح التحدث به، والمعنى اختلق على الله كذبًا عظيمًا.
قال مسروق (قلت) لها (ما هن؟ ) أي أي شيء تلك الثلاث، فما استفهامية (قالت: من زعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه) والزعم القول بلا دليل (فقد أعظم على الله الفرية، قال) مسروق (وكنت متكئًا) أي جالسًا جلوس المتكئ على شيء لعله لضعف به (فجلست) مستقيمًا بلا اعتماد ولا اتكاء (فقلت) لها (يا أم المومنين أنظريني) أي أمهليني لحظة حتى أتكلم شيئًا، من الإنظار وهو التأخير والإمهال (ولا تعجليني) في الكلام حتى أسألك شيئًا وقلت لها ردًّا لكلامها لأنها إنما قالت باجتهادها لا بدليل قاطع (ألم يقل الله عزَّ وجلَّ) والاستفهام فيه للتقرير في كتابه العزيز