للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيُصَبُّ عَلَيهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيلِ

ــ

يقال امتحش الخبز أي احترق ويقال محشته النار وأمحشته والمعروف أمحشته، والمحش لهب النار يحرق الجلد حتى يبدو العظم، قال صاحب العين: يقال محشته النار وأمحشته والمعروف الرباعي والثلاثي لغة، وقد رواه بعضهم (امتحشوا) مبنيًّا لما لم يسم فاعله أي أحرقوا، والصواب الأول (فيصب عليهم) أي يهراق ويرش على المخرجين من النار (ماء الحياة) أي ماء يحيى به الجسم وهو الماء الذي من شربه أو اغتسل به لم يمت أبدًا. وفي الأبي: هؤلاء الذين أخرجوا من النار برحمة الله سبحانه وتعالى من ليس عندهم إلَّا مجرد الإيمان وإنما يخرجون بشفاعة أرحم الراحمين كما أشرنا إليه آنفًا، وقوله (إلَّا أثر السجود) قال القاضي عياض: قيل يعني السبعة الأعضاء، ويرده قوله في الحديث الآخر (إلَّا دارات وجوههم) فإنه يدل على أنه إنما بقي الوجوه إكرامًا لموضع السجود ومكانه من الإيمان وإكرامًا للصورة التي خلق آدم عليها وفضل بها الإنسان على غيره، قال النواوي: لا يرده لأن ذلك في قوم خاصين لا يسلم منهم إلَّا دارات الوجوه وغيرهم تسلم منهم السبعة الأعضاء، قال الأبي: وعلى أنها السبعة فلا يعارض ما يأتي من أن منهم من تأكله النار إلى ركبتيه لأنها قد تأخذهما فتغيرهما ولا تأكلهما (فينبتون منه) أي ينبتون أي فتنبت أجسامهم بسبب ذلك الماء الذي صب عليهم، فمن بمعنى الباء المسببية، ولفظة ما في قوله (كما تنبت الحبة في حميل السيل) مصدرية والكاف صفة لمصدر محذوف والتقدير فينبتون منه نباتًا سريعًا سرعة كسرعة نبات الحبة في حميل السيل والحبة بكسر الحاء هي بذر البقول والعشب تنتشر بالريح فإذا أمطرت السماء من قابل تنبت في البراري وجوابي السيول، وجمعها حبب بكسر أوله وفتح ثانيه نظير قرب وقربة، وأما الحبة بفتحها فهي بذر ما يزرع ويقتات كالحنطة والشعير مثلًا، وقال أبو عمرو: هي اسم لنبت صغار تنبت في الحشيش، وقال الكسائي: هي حب الرياحين، وقال الأصمعي: هي اسم لحب كل نبت له حب قال: وهي بضم الحاء وتخفيف الباء القضيب من الكرم يغرس، والحبة من العنب الواحدة حبة، وأما الحنطة وغيرها فهو الحب لا غير وحميل السيل محموله من طين أو غثاء فإذا اتفق أن يكون فيه حبة فإنها تنبت في يوم وليلة وهي أسرع نابتة نباتًا، شبه صلى الله عليه وسلم سرعة نباتهم بسرعة نبات تلك الحبة، وبقي عليه من التشبيه المقصود بالحديث نوع آخر دل عليه ما في حديث أبي سعيد الخدري حيث قال: ألا ترونها تكون إلى الحجر

<<  <  ج: ص:  >  >>