للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيرَ ابْنَ اللهِ. فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ. فَمَاذَا تَبغُونَ؟ قَالُوا: عَطِشْنَا، يَا رَبُّنَا فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ إِلَيهِم: أَلا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ

ــ

الموقف (إلَّا من كان يعبد الله) سبحانه وتعالى ظاهرًا وباطنًا فقط، حالة كونه (من بر) أي من مخلص في عبادته وإيمانه (وفاجر) أي منافق من هذه الأمة (و) من (غُبَّر أهل الكتاب) بضم الغين المعجمة وفتح الباء الموحدة المشددة جمع غابر من غبر بمعنى بقي أي من بقاياهم الذين بقوا في الموقف لا على دين أنبيائهم كما قد يتوهم، والفاء في قوله (فيدعى) زائدة في جواب إذا وفي بعض النسخ تدعى بالتاء أي يدعى (اليهود) وينادى (فيقال لهم) في النداء تفسير لدعائهم (ما كنتم تعبدون) أيها اليهود في الدنيا (قالوا) أي قال اليهود (كنا نعبد) في الدنيا (عزير ابن الله) يعنون به عزير بن سروحا وهو رجل من بني إسرائيل، قيل إنه لما حرق بختنصر التوراة وقتل القائمين بها والحافظين لها قذفها الله تعالى في قلبه فقرأها عليهم فقالت جهلة اليهود عنه: إنه ابن الله (فيقال) لهم (كذبتم) في ادعاء بنوته لله سبحانه وتعالى لأنه (ما اتخذ الله) سبحانه (من صاحبة) أي زوجة (ولا) من (ولد) فمن زائدة لوقوعها بعد النفي أي ما اتخذ ولا جعل لنفسه صاحبة ولا ولدًا، قال الأبي: قوله (كذبتم) يعني كذبتم في قولكم إنَّ عزيرًا ابن الله لا في أنكم عبدتموه، والكذب الخبر الغير المطابق (قلت) النسبة المقيدة بقيد إنما تصدق بعد ثبوت ذلك القيد فإذا قلت رأيت زيدًا يشتم عمرًا وأنت إنما رأيته فقط فالخبر كذب لعدم ثبوت الشتم وهم إنما عبدوه من حيث إنه ابن الله، وهذا القيد غير ثابت أو يقال قولهم عبدنا المسيح ابن الله في قوة خبرين كونهم عبدوه وكونه ابن الله فكذبوا على أن خبرهم بمعنى الكل لا بمعنى الكلية. اهـ (فماذا تبغون) أي فأي شيء تطلبون (قالوا عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار اليهم) إلى النار فيقال لهم (ألا تردون) هذا المورد فتشربون منه إنَّ كنتم عطاشًا فيرويكم، وذلك أنهم لما ظنوا أنه ماء أسمعوا بحسب ما ظنوا فإن الورود إنما يقال لمن قصد إلى الماء ليشرب (فيحشرون) أي يساقون مجموعين (إلى النار) فيرونها كأنها) أي كان تلك النار (سراب) أي شبيهة بالسراب، والسراب ما يتراءى للناس نصف النهار في الأرض القفر والقاع المستوي وسط النهار في الحر الشديد لامعًا مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>