الماء يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاء لم يجده شيئًا، وجملة قوله (يحطم) أي يكسر (بعضها بعضًا) ويهلكه ويأكله في محل الرفع خبر ثان لـ (كأن)، ومعناه لشدة اتقادها وتلاطم أمواج لهبها كأن بعضها يحطم بعضًا أي يركب بعضها بعضًا ويكثر بعضها على بعض كما يفعل البحر إذا هاج، والحطم الكسر والإهلاك والحطمة اسم لطبقة من طبقات النار سميت بذلك لكونها تحطم ما يلقى فيها وتأكله وتهلكه.
وقوله (فيتساقطون في النار) معطوف على يحشرون أي فيتتابعون في السقوط فيها حتى لا يبقى منهم أحد (ثم يدعى) فريق (النصارى) وفي بعض النسخ تدعى بالتاء (فيقال لهم: ما كنتم تعبدون) في الدنيا (قالوا: نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم) أي للنصارى (ماذا تبغون؟ ) أي ماذا تريدون الآن (فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا) ما يزيل عنا هذا العطش الذي أخذنا من زحمة الموقف (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيشار إليهم) إلى النار فيقال لهم (ألا تردون) هذا المورد فتشربون منه (فيحشرون) أي يساقون (إلى جهنم) فيرونها (كأنها سراب) لشدة اتقادها وكأنها (يحطم بعضها بعضًا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلَّا من كان يعبد الله تعالى) أي يوحده ويتذلل له (من بر وفاجر) والبر ذو البِرِّ وهو فعل الطاعات والخير والفجور عكسه (أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى) أي أمر الله سبحانه وتعالى ملكًا أو خلقًا من مخلوقاته بإتيانهم (في أدنى صورة) أي في صورة هي أدنى وأنقص (من) الصورة (التي رأوه) سبحانه وعلموه (فيها) أي بها في الدنيا في كتابه العزيز أي ظهر لهم الملك بصفة مخالفة لصفة الله تعالى التي علموه بها في الدنيا من كتابه العزيز من قوله تعالى: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} قال النووي: معنى رأوه فيها علموها له وهي صفته المعلومة للمؤمنين وهي أنه لا يشبهه شيء، وقال