(من خير فأخرجوه فيخرجون) رابعًا (خلقًا كثيرًا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرًا) هكذا هو (خيرًا) بإسكان الياء أي صاحب خير ويعرف هؤلاء بعلامات يجعلها فيهم، وقوله (ذرة) قال القرطبي: لم يختلف هنا في أنها بفتح الذال وشد الراء وهي صغيرات النمل، وصحَّفه شعبة في حديث أنس فقال: هو بضم الذال المعجمة وتخفيف الراء، وصحفه أيضًا العذري والخشني فقالا: بضم الدال المهملة وشد الراء. اهـ
(وكان أبو سعيد الخدري يقول) تأكيدًا للكلام لا لاتهامهم له (إن لم تصدقوني) أيها المخاطبون (بهذا الحديث) أي في هذا الحديث (فاقرؤوا إنَّ شئتم) شاهد هذا الحديث من كتاب الله سبحانه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)} فيقول الله عزَّ وجلَّ) بعد قولهم ربنا لم نذر فيها خيرًا (شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون) يقال: شفع من باب فتح يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع والمشفع بكسر الفاء الذي يقبل الشفاعة والمشفع بفتحها الذي تقبل شفاعته. اهـ نووي (ولم يبق إلَّا أرحم الراحمين) أي إلَّا رحمته وفضله (فيقبض) الله سبحانه (قبضة من) أهل (النار) أي يجمع جماعة من أهل النار يعني من الموحدين فيخرجهم دفعة واحدة بغير شفاعة أحد ولا ترتيب خروج (فيخرج) سبحانه (منها) أي من أهل النار (قومًا لم يعملوا) في الدنيا (خيرًا) أي عملًا صالحًا غير مجرد الإيمان (قط) أي فيما مضى من حياتهم الدنيا، قال السنوسي: وهؤلاء ليس معهم إلَّا مجرد الإيمان لا يخرجون بشفاعة بل بمجرد فضل الله تعالى بلا واسطة، والكل في الحقيقة بفضل الله تعالى (قد عادوا) أي صاروا (حممًا) أي فحمًا أي تحولوا من صورتهم الأصلية إلى صورة فحم، وعاد هنا من أخوات صار نظير قوله تعالى:{أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} فيكون للصيرورة والتحول من حالة إلى حالة أخرى، وليس بمعنى رجوع الشيء إلى ما كان عليه