الجنة قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيأتيها فيُخيَّل إليه أنها ملأى فيرجع) إلى الرب سبحانه ثانيًا (فيقول يا رب إني وجدتها ملأى) فأين أدخل منها؟ (فيقول الله له اذهب فادخل الجنة فإن لك) في الجنة (مثل الدنيا) أي قدر الأرض المعمورة في الدنيا (وعشرة أمثالها) أي عشرة مقدارها (أو) قال الراوي أو النبي صلى الله عليه وسلم (إن لك عشرة أمثال الدنيا) أي عشرة مقدارها، والشك من الراوي أو ممن دونه، قال الأبي: والأظهر أنه يعني بالدنيا المعمور من الأرض لتقديره في بعض الطرق بمُلْكِ مَلِك وإنما يملك منها المعمور فقط.
قال القاضي: ورد مثله في الجواز على الصراط فيحتمل أنهما شخصان أو صنفان عبر فيه بلفظ الواحد على الجماعة، قال الأبي: الأظهر من السياق وحديث الشجرة الآتي أنه رجل واحد لا رجلان ولا صنفان ولا أنه الجواز على الصراط ويشهد لذلك أنه جاء أن اسمه هناد، وعن الحسن أنه كان يقول: يا ليتني هناد، وقيل في تمنيه هذا إنما هو من حيث إنه خُتم له بالإيمان، وجاء أيضًا إن الله عزَّ وجلَّ يأمر ملكًا بإخراج من بقي من العصاة من النار فيدخل فلا يجد أحدًا، فيقول: يا رب لم نجد أحدًا، فيقال: ارجع فأخرِج من بقي، فيرجع فيجد هنادًا في زاوية من زواياها. اهـ.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيقول) ذلك الرجل للرب جل جلاله وعمّ نواله (أتسخر) وتهزأ (بي) يا رب وأنت الملك المالك لكل مخلوق من الجنة والنار وأهلهما (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي (أتضحك بي) يا رب (وأنت الملك) المالك للجنة ونعيمها، قال النواوي: وهذا شك من الراوي؛ هل قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتسخر بي، أو قال: أتضحك، فإن كان الواقع في نفس الأمر أتضحك بي فمعناه أتسخر بي لأن الساخر يضحك في العادة ممن يسخر به فوضع الضحك موضع السخرية مجازًا، وأما معنى أتسخر بي هنا ففيه أقوال: -
أحدها ما قاله المازري: أنه خُرجَ على المقابلة الموجودة في معنى الحديث دون لفظه لأنه عاهد الله مرارًا أن لا يسأله غير ما سأل ثم غدر فحل غدره محل الاستهزاء والسخرية، فقدر الرجل أن قول الله تعالى له ادخل الجنة وتردده إليها وتخييل كونها