للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا, أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ

ــ

المفسرين أي كان كل واحد من آدم وعيسى عليهم السلام من نفخة الملك فصار المنفوخ فيه ذا روح من ريح نفخته ولا يلتفت إلى ما يقال من غير هذا. اهـ من المفهم.

(وأمر الملائكة) الكرام بالسجود لك (فسجدوا لك) أي سجدت الملائكة لك وأنت لك منزلة عند ربك فـ (اشفع لنا عند ربك) أي فاطلب لنا الخير والفرج عند ربك (حتى يُريحنا) وينقلنا (من مكاننا) وموقفنا (هذا) الموقف الهائل ولو إلى النار. قال القرطبي: والشفاعة أصلها الضم والجمع ومنه ناقة شَفُوعٌ إذا جمعت بين حلبتين في حلبة واحدة وناقة شافع إذا اجتمع لها حمل وولد يتبعها والشفع ضم واحد إلى واحد، والشُّفعة ضم مِلك الشريك إلى ملكك، فالشفاعة إذن ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع وإيصال منفعة إلى المشفوع له، وسيأتي أقسامها إن شاء الله تعالى. اهـ منه (قلت) الشفاعة طلب الخير من الغير للغير. (فيقول) آدم (لست) أنا (هناكم) أي محلًا لمطلوبكم وأهلًا لذلك أي لست مطلبًا للشفاعة ولا أهلًا لها. قال السنوسي: يحتمل أنه تواضع أو لعلمه أنها لغيره على الجملة، أو لعلمه أنها لمحمد صلى الله عليه وسلم خصوصًا ولكن عَلِم أنه كذا يقع (قلت) ومعنى لست هناكم لست في المكان والمنزل الذي تحسبوني فيه يريد مقام الشفاعة. اهـ، وذكر ملا علي: أن هنا إذا ألحق به كاف الخطاب يكون لبعد المكان المشار إليه فالمعنى لست في مكان الشفاعة أنا بعيد منه. اهـ. (فيذكر) آدم اعتذارًا إليهم (خطيئته) ومخالفته لربه (التي أصاب) وفعل بها (فيستحيي ربه) أي ويذكر أنه يستحى ويخاف ربه (منها) أي من أجل تلك الخطيئة التي هي أكل الشجرة بعدما نهى عنها. قال القاضي عياض: قوله (ويذكر خطيئته) تسمية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هذه الأشياء خطايا إنما هو إشفاق إذ ليست بخطايا آدم - عليه السلام - أكَل نسيانًا، ونوح - عليه السلام - دعا على قوم كفار، وموسى - عليه السلام - قتل كافرًا، وإبراهيم - عليه السلام - دفع بقول هو بحسب مراده صِدْق وعتب الله على بعضهم لعلو منزلتهم. اهـ. (ولكن ائتوا نوحًا) أي جيئوا نوحًا (أول رسول بعثه الله) سبحانه وتعالى إلى جميع أهل عصره واذهبوا إليه ليشفع لكم إلى ربكم

<<  <  ج: ص:  >  >>