للجميع ولأن الله تعالى قد جمع له نسم بنيه في السماء بين يديه وهم الأسودة التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء عن يمين آدم وهم أهل الجنة وعن يساره وهم أهل النار (قال) آدم (وما بعث النار) يا رب أي كم بعثها يا رب فليست ما هنا للسؤال عن الحقيقة كما هو أصل معناها وإنما هي هنا بمعنى كم لجوابها بالعدد (قال) الله سبحانه أَخْرِج (من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) نفرًا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فذاك) الوقت الذي قيل فيه لآدم ذلك (حين يشيب) أي وقت ينبت فيه (الصغير) الشيب والشعر الأبيض (وتضع) أي تسقط فيه (كل ذات حمل) أي صاحبة حمل وجنين (حملها) لشدة الهول، قال النواوي: وضع الحمل هنا مجاز إذ لا حمل في الآخرة وإنما هو تقدير أي لو قدر هنالك الحمل لوضع (وترى) أيها المخاطب في ذلك اليوم (الناس) أي أهل الموقف (سكارى) أي حيارى من شدة الموقف والسكارى بضم أوله وفتحه جمع سكران وهو الذي ثَمِلَ وسكر مِن شُرْبِ المسكر (وما هم بسكارى) حقيقة أي ليسوا بسكارى من الشراب (ولكنَّ عذاب الله) في ذلك اليوم (شديد) ولذلك تحيَّروا ودَهِشوا حتى كأنهم سكارى حقيقة (قال) الراوي أبو سعيد الخدري (فاشتد ذلك) القول الذي أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم من قول الله تعالى لآدم أخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين أي شَقَّ وعَظُمَ ذلك القول (عليهم) أي على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ (قالوا: أَيُّنَا) أي أيُّ واحد منا (ذلك الرجل) الواحد الذي ينجو من الألف أي فهموا أن ذلك بالنسبة إلى كل أمة أي الناجي من كل أمة واحد من كل ألف فقالوا: أينا ذلك الرجل الواحد فبَشَّرَهُم بأنه ليس المراد كذلك وإنما المراد بيان قلة أهل الجنة بالنسبة إلى أهل النار من بني آدم لا من كل أهلها وهذا هو الظاهر اهـ أبي.
وعبارة المفهم هنا: قوله (وما بعث النار) وُضِعَتْ هنا ما موضع كم التي يُستفهم بها عن العدد لأنه أجيب عنها بعددٍ، وأصل "ما" أن يسأل بها عن ذوات الأشياء وحدودها ولما سمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن ألفًا إلا واحدًا للنار وواحدًا للجنة اشتد خوفهم لذلك واستَقلُّوا عدد أهل الجنة منهم واستبعد كل واحد منهم أن يكون