للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في النهي عن البول قائمًا أحاديث لا تثبت ولكن حديث عائشة هذا ثابت، فلهذا قال العلماء: يكره البول قائمًا إلا لعذر وهي كراهة تنزيه لا تحريم، وقال ابن المنذر: البول جالسًا أحب إلي والبول قائمًا مباح وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما بوله صلى الله عليه وسلم على سباطة قوم قيل إنهم يحبون ذلك ولا يكرهونه بل يفرحون به، ومن كان هذا حاله جاز البول في أرضه والأكل من طعامه ونظائر هذا أكثر في السنة من أن تحصى، وقيل لم تكن السباطة مختصة بهم بل كانت بفناء دورهم للناس كلهم فأضيفت إليهم لقربها منهم، وقيل أذنوا لمن أراد قضاء الحاجة فيها إما بصريح الإذن وإما بما في معناه، وأما بوله في السباطة التي بقرب الدور مع أن المعروف من عادته التباعد في المذهب فقد قال القاضي عياض: إن سببه أنه صلى الله عليه وسلم كان في الشغل بأمور المسلمين والنظر في مصالحهم وطال عليه المجلس فغلبه البول فلم يمكنه التباعد ولو أبعد لتضرر وارتاد السباطة لدمثها وأقام حذيفة بقربه ليستره عن الناس وهذا الذي قاله القاضي كلام حسن، وأما قوله (فتنحيت فقال ادْنُه فدنوت حتى قمت عند عقبيه) قال العلماء: إنما استدناه صلى الله عليه وسلم ليستتر به عن أعين الناس وغيرهم من الناظرين لكونها حالة يُستخفى بها ويستحيى منها في العادة وكانت الحاجة التي يقضيها بولًا من قيام يؤمَن معه خروج الحدث الآخر والرائحة الكريهة فلهذا استدناه، وجاء في الحديث الآخر لما أراد قضاء الحاجة قال: تَنَحَّ لكونه كان يقضيها قاعدًا ويحتاج إلى الحدثين جميعًا فتحصل الرائحة الكريهة وما يتبعها، ولهذا قال بعض العلماء: في هذا الحديث من السنة القرب من البائل إذا كان قائمًا فإذا كان قاعدًا فالسنة الابتعاد عنه والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ من النواوي بتصرف.

واعلم أن هذا الحديث مشتمل على أنواع من الفوائد تقدم بسط أكثرها فيما ذكرناه ونشير إليها ها هنا مختصرة منها: أن فيه إثبات المسح على الخفين، وفيه جواز المسح في الحضر، وفيه جواز البول قائمًا وجواز القرب من البائل، وفيه جواز طلب البائل من صاحبه القرب منه ليستره، وفيه استحباب الستر، وفيه جواز البول بقرب الدُّور، وفيه غير ذلك من الفوائد الفقهية.

وحديث حذيفة هذا شارك المؤلف في روايته أصحاب الأمهات الخمس رواه البخاري في الطهارة عن محمد بن عرعرة وفي المظالم عن سليمان بن حرب وعن عثمان

<<  <  ج: ص:  >  >>