للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال القاضي عياض: هو نهي كراهة وإرشادٍ لمكارم الأخلاق وهو في السير آكد لأنه يفسده، وقيل النهي للتحريم لأن الماء قد يَفْسُد لتكرار البائلين فيه، ويظن المار أنه قد تغير من مقره أو طول مكثه فاحتاط صلى الله عليه وسلم للأمة وحماه بالنهي عنه، وأيضًا أكثر ما يوجد غير متبحر والناس يقصدون التنظيف به فلو أبيح البول انقطع النفع به ويلحق بالبول فيه التغوط فيه وصب سائر النجاسات فيه، والله أعلم. اهـ من الإكمال.

وقال القرطبي: (ثم يغتسل منه) الرواية الصحيحة (ثم يغتسلُ) برفع اللام على أن الجملة خبر لمبتدأ محذوف، أي ثم هو يغتسل فيه، والجملة الاسمية معطوفة على جملة لا يبولن ويكون عطف اسمية على فعلية لا فعلية على فعلية، ولا يجوز نصبها إذ لا يُنتصب بإضمار أن بعد ثم، وبعض الناس جزمه بالعطف على لا يبولن، وهذا ليس بشيء إذ لو أراد ذلك لقال ثم لا يغتسلن لأنه إذ ذاك يكون عطف فعل على فعل لا عطف جملة على جملة، وحينئذ يكون القصد مساواة الفعلين في النهي عنهما وتأكيدهما بالنون الثقيلة، لأن المحل الذي تواردا عليه هو شيء واحد وهو الماء فعدوله عن (ثم لا يغتسلن) إلى (ثم يغتسل) دليل على أنه لم يرد العطف وإنما جاء (ثم يغتسل) للتنبيه على مآل الحال، ومعناه أنه إذا بال فيه قد يحتاج إليه فيمتنع عليه استعماله لما وقع فيه من البول، ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم (لا يضرب أحدكم امرأته ضرب الأمة ثم يضاجعها) برفع يضاجعها ولم يروه أحد بالجزم ولا يتخيله فيه لأن المفهوم منه أنه إنما نهاه عن ضربها لأنه يحتاج إلى مضاجعتها في ثاني الحال، فيمتنع عليه لما أساء من معاشرتها فيتعذر عليه المقصود لأجل الضرب، وتقدير اللفظ في الموضعين (ثم هو يضاجعها) و (ثم هو يغتسل) اهـ من المفهم.

قال النواوي: الرواية (ثم يغتسل) بالرفع لا غير والمعنى لا يَبُل أحدكم ثم هو يغتسل منه، وذكر ابن مالك أنه يجوز أيضًا جزمه عطفًا على موضع يبولن ونصبه بإضمار أن بعد ثم إجراءً لها مُجْرَى الواو، فأما الجزم فظاهر، وأما النصب فلا يجوز لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما، وهذا لم يقله أحد بل البول فيه منهي عنه سواء أراد الاغتسال منه أوفيه أم لا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>