وقال العلَّامة الشوكاني في آخر "رفع الريبة عما يجوزُ وما لا يجوزُ من الغِيبة" في الصورة السادسة وهي التعريف بالألقاب، ما يلي: (فإنْ قلتَ: فإنْ كان صاحبُ اللقب لا يُعْرَفُ إلا به، ولا يُعْرَفُ بغيرِه أصلًا .. قلتُ: إذا بَلَغَ الأمرُ إلى هذه النهاية، ووصَلَ البحَثُ إلى هذه الغاية .. لم يكن ذلك اللقبُ لقبًا، بل هو الاسمُ الذي يُعرف به صاحبُه؛ إذْ لا يُعرف باسم سواه قط، والتسمية للإنسان باسم يُعرف به لا سيما مَنْ كان من رُواة العلم الحاملين المبلغين ما عندهم منه إلى الناس أمرٌ تدعو إليه الحاجة، وإلا .. بَطَل ما يرويه من العلم، خصوصًا ما كان قد تَفَردَ به ولم يُشاركه فيه غيرُه، وعلى هذا يُحمل ما وَقَعَ في المصنفات من ذِكْر الألقاب؛ فإن أهلها وإنْ كان لهم أسماءٌ ولآبائهم ولأجدادهم .. فغيرُهم يشاركهم فيها، فقد يتفق اسمُ الرجل مع اسم الرجل، واسمُ أبيه مع اسم أبيه، واسمُ جده مع اسم جده، فلا يمتازُ أحدهما عن الآخر في كثير من الحالاتِ إلا بذِكْر الألقاب ونحوها، وحينئذ لم يبْقَ لتلك الأسماء فائدة؛ لأن المقصود منها أن يتميز بها صاحبُها عن غيره، ولم يحصل هذا الذي هو المقصودُ بها، بل إنما حصل من اللقب، فكان هو الاسمَ المميز في الحقيقة، فلم يكن ذلك من التنابز بالألقاب، فاعْرِفْ هذا وتدَبَّرْه؛ فإنه نفيس، وبه يَنْدَفع ما تَقدَّم من إيرادِ ما جَرَى عليه عملُ أئمة الرواية، وهكذا يرتفعُ الإشكالُ عن القارئ لتلك الكتب، فلا يُقال له: إنه ينبزُ بالألقاب ويغتابُ أهلها بقراءتها في كتب السُّنَّة). "الرسائل السلفية" (ص ٥٧ - ٥٨). (١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٨٦).