للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ مِئَةً كُلُّهُمْ مَأمُونٌ مَا يُؤْخَذُ عَنْهُمُ الْحَدِيثُ، يُقَالُ: لَيسَ مِنْ أَهْلِهِ

ــ

قال أحمدُ: ثِقةٌ، كان سفيان يُسمِّيه أمير المؤمنين في الحديث، وقال الليثُ: رأيتُ أبا الزِّنادِ وخَلْفَهُ ثلاثُ مئةِ طالب.

وقال في "التقريب": ثقة فقيه، من الخامسة، مات فجاةً سنةَ ثلاثين ومائة، وقيل: بعدها.

وَغَرَضُ المؤلِّفِ بسَوْق هذا الأثَرِ: الاستشهادُ لأثَرِ ابنِ سيرين كما مَر آنفًا، وهذا الإسنادُ من رباعياته، وفيه رواية بصريينِ عن مدنيين.

(قال) أبو الزِّنادِ: (أدْرَكْتُ بالمدينةِ) المُنَوَّرَةِ (مئةً) من الصالحين (كُلُّهم مأمون) أي: موصوف بالأمانة في دينهِ ودُنْياه ومع ذلك (ما يُؤخَذُ) ولا يُرْوَى (عنهم الحديثُ) النبويُّ (يُقالُ) في سبب ذلك: إن كُلَّهم (ليس من أهلِهِ) أي: من أهل الحديث؛ أي: ليسوا من الثقات الحفاظ المُتْقِنين، فأمانتُهم وصلاحُهم في دِينهِم لا يَنْفَعُهم في رواية الحديث عنهم؛ لعدم ضَبْطِهم وإتقانِهم (١).


(١) وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى: (يعني أنهم كانوا موثوقًا بهم في دينهم وأمانتهم، غيرَ أنهم لم يكونوا حُفاظًا للحديث، ولا مُتْقنين لروايته، ولا متحرِّزين فيه، فلم تكن لهم أهليةُ الأخْذِ عنهم، وإنْ كانوا قد تعاطوا الحديث والرواية). "المفهم" (١/ ١٢٨).
وقال القاضي عياض معقبًا على قول أبي الرناد: (ليس يُشترط في رواية الثِّقة عندنا وعند المُحققين من الفقهاء والأصوليين والمحدثين: كونُ المحدث من أهل العلم والفقه والحفظ وكثرة الرواية ومجالسة العلماء، بل يُشترط ضَبْطُه لِمَا رواه، إما من حِفْظِهِ أو كتابِهِ وإنْ كان قليلا عِلْمُه؛ إذْ عُلِمَ من إجماع الصدْرِ الأول قبولُ خبر العدل وإنْ كان أُميًا، وممن جاء بعدُ قبول الرواية من صاحب الكتاب وإن لم يحفظه، والروايةُ عن الثقات وإنْ لم يكونوا أهل علم. وقد ذَكَرَ أبو عبد الله الحاكمُ في أقسام الحديث الصحيح المختلَفِ فيه روايةَ الثقات المعروفين بالسماع وصحة الكتاب غير الحُفاظ ولا العارفين، قال: كأكثر مُحَدِّثي زماننا، قال: فهذا مُحتَجٌّ به عند أكثر أهل الحديث، قال: وإنْ لم يَرَ ذلك مالك ولا أبو حنيفة.
قال القاضي عياض: والذي أقولُ: إن معنى قول أبي الزناد هذا -وقد رُوي نحوه عن مالكٍ وغيره-: أن هؤلاء لم يكونوا أهلَ ضَبْطٍ لِما رَوَوْه، لا مِنْ حفظهم ولا من كُتُبهم، أو قَصَدُوا إيثارَ أهل العلم وترجيحَ الرواية عن أهل الإتقان والحفظ؛ لكثرتهم حينئذٍ والاستغناءِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>