وقال القاضي عياض معقبًا على قول أبي الرناد: (ليس يُشترط في رواية الثِّقة عندنا وعند المُحققين من الفقهاء والأصوليين والمحدثين: كونُ المحدث من أهل العلم والفقه والحفظ وكثرة الرواية ومجالسة العلماء، بل يُشترط ضَبْطُه لِمَا رواه، إما من حِفْظِهِ أو كتابِهِ وإنْ كان قليلا عِلْمُه؛ إذْ عُلِمَ من إجماع الصدْرِ الأول قبولُ خبر العدل وإنْ كان أُميًا، وممن جاء بعدُ قبول الرواية من صاحب الكتاب وإن لم يحفظه، والروايةُ عن الثقات وإنْ لم يكونوا أهل علم. وقد ذَكَرَ أبو عبد الله الحاكمُ في أقسام الحديث الصحيح المختلَفِ فيه روايةَ الثقات المعروفين بالسماع وصحة الكتاب غير الحُفاظ ولا العارفين، قال: كأكثر مُحَدِّثي زماننا، قال: فهذا مُحتَجٌّ به عند أكثر أهل الحديث، قال: وإنْ لم يَرَ ذلك مالك ولا أبو حنيفة. قال القاضي عياض: والذي أقولُ: إن معنى قول أبي الزناد هذا -وقد رُوي نحوه عن مالكٍ وغيره-: أن هؤلاء لم يكونوا أهلَ ضَبْطٍ لِما رَوَوْه، لا مِنْ حفظهم ولا من كُتُبهم، أو قَصَدُوا إيثارَ أهل العلم وترجيحَ الرواية عن أهل الإتقان والحفظ؛ لكثرتهم حينئذٍ والاستغناءِ =