مسعود (فبِتْنَا) أي اتصفنا في تلك الليلة التي فقدناه فيها والتبسنا (بشرِّ ليلة) أي بحزن ليلة أي كنا ملتبسين بأقبح ليلة (بات بها) أي التبس بها (قوم) فقدوا فقيدهم ووصف الليلة بالشر بالنظر إلى ما وقع فيها من الحزن والأسف، والإضافة فيه بمعنى في كالإضافة في قولهم مكر الليل (فلما أصبحنا) أي دخلنا في الصباح (إذا) فجائية رابطة لجواب لما (هو) مبتدأ (جَاءٍ) خبره أصلهُ جَائِي عُومل معاملةَ قاض أي فلما أصبحنا فاجأنا مجيئُه (من قبل) جبل (حراء) أي من جهته وهو جبل معروف بمكة (قال) ابن مسعود (فقلنا) له (يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم) فقدوا فقيدهم (فقال) لنا (أتاني داعي الجن) أي داع من الجن لأقرأ عليهم القرآن (فذهبت معه) إلى قومه (فقرأت عليهم) أي على قومه (القرآن) وفي حديث ابن عباس المتقدم أنه لم يقرأ عليهم، قال القاضي: فيجمع بين الحديثين بأنهما قضيتان الأولى في بدء الأمر حين أتوا يبحثون عن أمره واستمعوا له، والثانية حين أتوا ليقرأ عليهم، قال الأبي: يبعد أن يكون ابن عباس لم يعلم بحديث ابن مسعود اهـ أبي.
(قال) ابن مسعود (فانطلق) رسول رسول الله (بنا) إلى المكان الذي اجتمعت فيه الجن وقرأ عليهم (فأرانا اثارهم) أي آثار نزولهم هناك من موضع جلوسهم وموطئ أقدامهم وأرواث دوابهم وعلفها (وآثار نيرانهم) التي أوقدوها للطبخ من رمادها وبقية حطبها، قال النواوي: قال الدارقطني: إلى هنا انتهى حديث ابن مسعود يعني عند قوله (وآثار نيرانهم) وما بعده من قول الشعبي، كذا رواه أصحابُ داود بن أبي هند الراوي عن الشعبي وابنُ علية وابنُ زُريع وابنُ أبي زائدة وغَيرهُم هكذا قاله الدارقطني وغيرُه، ومعنى قوله أنه من كلام الشعبي أنه ليس مرويا عن ابن مسعود بهذا اللفظ وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
والظاهر أن قوله (وسألوه الزاد) أي سألت الجن النبي صلى الله عليه وسلم ما يتزودون به لقوتهم ولعلف دوابهم ... الخ فمن حديثه أي من حديث ابن مسعود على ما يظهر. من مرقاة ملا علي اهـ من بعض هامش المتن.