قال النواوي: أما قوله لا قراءة مع الإِمام في شيء فيستدل به أبو حنيفة وغيره ممن يقول لا قراءة على المأموم في الصلاة سواء كانت سرية أو جهرية، ومذهبنا أن قراءة الفاتحة واجبة على المأموم في الصلاة السرية وكذا في الجهرية على أصح القولين، والجواب عن قول زيد هذا من وجهين الأول: أنَّه قد ثبت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا كنتم خلفي فلا تقرؤوا إلَّا بأم القرآن" وغير ذلك من الأحاديث وهي مقدمة على قول زيد وغيره، والثاني أن قول زيد محمول على قراءة السورة التي بعد الفاتحة في الصلاة الجهرية فإن المأموم لا يشرع له قراءتها وهذا التأويل متعين ليحمل قوله على موافقة الأحاديث الصحيحة ويؤيده أنَّه يستحب عندنا وعند جماعة للإمام أن يسكت في الجهرية بعد الفاتحة قدر ما يقرأ المأموم الفاتحة، وجاء فيه حديث حسن في سنن أبي داود وغيره في تلك السكتة يقرأ المأموم الفاتحة فلا يحصل قراءته مع قراءة الإِمام بل في سكتته اهـ، وأما قوله وزعم أنَّه قرأ فالمراد بالزعم هنا القول المحقق كما قال عمرو بن شأس:
قال الهروي: زعم هنا بمعنى أخبر، ويجوز أن يقال إن زعم بمعنى ضمن، ومنه الحديث "الزعم غارم" رواه أبو داود والتِّرمذيّ من حديث أبي أُمامة رضي الله عنه. قلت: وهذا المعنى يصح في معنى البيت ويبعد أن يحمل عليه ما في الحديث، ويقال زَعُم وزَعَمَ بالضم والفتح والكسر اهـ قرطبي.
قال النواوي: وقد قدمنا في أوائل هذا الشرح أن الزعم يطلق على القول المحقق والكذب وعلى المشكوك فيه وينزل في كل موضع على ما يليق به وذكرنا هناك دلائله.
وأما قوله وزعم أنَّه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم والنَّجم فلم يسجد فاحتج به مالك ومن وافقه على أنَّه لا سجود في المفصل، وأن سجدة النجم (وإذا السماء انشقت)(واقرأ باسم ربك) منسوخات بهذا الحديث أو بحديث ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة وهذا مذهب ضعيف، فقد ثبت حديث أبي هريرة رضي الله عنه المذكور بعده في مسلم "قال سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في (إذا السماء انشقت) و (اقرأ باسم ربك) "