انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (إنكم) أيها المؤمنون (سترون ربكم) عزَّ وجلَّ يوم القيامة (كما ترون هذا القمر) رؤية محققة لا تشكون فيها و (لا تضامون) -بضم أوله وفتحه مع تشديد الميم فيهما من الضم- أي لا ينضم بعضكم إلى بعض (في) حال (رؤيته) عز وجل، ولا يقول أرنيه لإشكاله وخفائه كما تفعلون عند النظر إلى الهلال بل كل ينفرد برؤيته، وروي بضم المثناة الفوقية وتخفيف الميم أي لا ينالكم ضيم في رؤيته أي تعب أو ظلم فيراه بعضكم دون بعض بأن يدفعه عن الرؤية ويستأثر بها بل تشتركون كلكم في الرؤية فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي (فإن استطعتم) جزاء هذا الشرط ساقط هنا كما هو مصرح في رواية البخاري تقديره فإن استطعتم (أن لا تغلبوا) -بضم أوله وفتح ثالثه- مبنيًّا للمفعول بأن تستعدوا لقطع أسبابها أي الغلبة المنافية للاستطاعة كنوم وشغل مانع (على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاتين (العصر والفجر) فافعلوا عدم المغلوبية التي لازمها الصلاة أي فإن استطعتم المواظبة عليهما فافعلوا تلك المواظبة كأنه قال صلوا في هذين الوقتين جماعة أو فردًا (ثم قرأ جرير) بن عبد الله راوي الحديث استشهادًا لهذا الحديث قوله تعالى: (وسبح) يا محمد (بحمد ربك) أي نزهه عن العجز عما يمكن والوصف بما لا يليق به حامدًا له على ما أنعم عليك (قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) يعني الفجر والعصر، وقد عرفت فضيلة الوقتين على غيرهما مما مر من ذكر اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال إلى غير ذلك، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح، وأن الأعمال ترفع آخر النهار فمن كان حينئذ في طاعة ربه بورك له في رزقه وعمله، وأعظم من ذلك بل من كل شيء وهو مجازاة المحافظة عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى وجه الله تعالى كما يشعر به سياق الحديث. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [٤/ ٣٦٢] والبخاري [٥٧٣].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه فقال: