للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَرَ بِلالًا فَأَقَامَ الصَّلاةَ. فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ. فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَال: "مَنْ نَسِيَ الصَّلاةَ. . فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا. فَإِنَّ اللهَ قَال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤]. قَال يُونُسُ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا: لِلذِّكْرَى

ــ

هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة" (ثمَّ) بعدما تحولوا شيئًا يسيرًا (توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر بلالا) بالإقامة للصلاة (فأقام) بلال (الصلاة) أي استنهض إليها بألفاظ الإقامة، ولم يذكر الأذان، وقد ذكره في حديث أبي قتادة، وسيأتي تحقيقه هنالك (فصلى بهم) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (الصبح) قضاءً (فلما قضى الصلاة) وفرغ منها (قال: من نسي الصلاة) المكتوبة، وفي معنى النسيان النوم أو المعنى من تركها بنوم أو نسيان (فليصلها إذا ذكرها) أو استيقظ فإن في التأخير آفات، وفي لفظ آخر "أو غفل عنها" (فإن الله) - عز وجل - (قال {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}) [طه: ١٤] قال يونس) بالسند السابق (وكان ابن شهاب يقرؤها) أي يقرأ هذه الكلمة (للذكرى) بلام التعريف وكسر الذال وسكون الكاف وفتح الراء بعدها ألف مقصورة على وزن فعلى مصدر لذكر يذكر، وهذه قراءة شاذة، والقراءة المشهورة (لذكرى) بلام واحدة، قال العيني: وعلى القراءتين اختلفوا في المراد منها فقيل المعنى لتذكرني فيها، وقيل لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة، وقال التوربشتي: هذه الآية تحتمل وجوهًا كثيرة من التأويل لكن الواجب أن يصار إلى وجه يوافق الحديث فالمعنى أقم الصلاة لذكرها لأنه إذا ذكرها فقد ذكر الله تعالى أو يقدر المضاف أي لذكر صلاتي أو أوقع ضمير الله موقع ضمير الصلاة لشرفها وخصوصيتها فكأنه قال: أقم الصلاة لذكرها اهـ، وقال ابن الملك: لذكري من باب إضافة المصدر إلى المفعول واللام بمعنى الوقت أي إذا ذكرت صلاتي بعد النسيان اهـ واستدلاله - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه وهو قول أكثر أصحابنا.

قال الخطابي: وفي الحديث من الفقه أنهم لم يصلوا في مكانهم ذلك عندما استيقظوا حتى اقتادوا رواحلهم ثمَّ توضئوا ثمَّ أقام بلال وصلى بهم، وقد اختلف الناس في معنى ذلك وتأويله فقال بعضهم: إنما فعل ذلك لترتفع الشمس فلا يكون في وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>