قال القرطبي: وقع في كتاب مسلم حديث أم حبيبة لم يعين اثنتي عشرة ركعة ولا عددها، وقد ذكر النسائي عن أم حبيبة هذا الحديث مرفوعًا وعين فيه الركعات وعددها فقال "أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين قبل العصر وركعتين بعد المغرب وركعتين قبل صلاة الصبح" وهو صحيح، واختلف العلماء هل للفرائض رواتب مسنونة أو ليس لها؟ فذهب الجمهور إلى الأخذ بحديث أم حبيبة وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله لهذه النوافل على ما ذُكر عن عائشة وابن عمر في هذا الباب فقالوا: هي سنة مع الفرائض، وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه لا رواتب في ذلك ولا توقيت عدا ركعتي الفجر، وقد تقدم ذكرهما حماية للفرائض ولا يُمنع من تطوع بما شاء إذا أمن ذلك، وذهب العراقيون من أصحابنا إلى استحباب الركوع بعد الظهر وقبل العصر وبعد المغرب، وقد تقدم أن أهل الحجاز يسمون الركعة سجدة اهـ من المفهم.
قيل: والحكمة في تشريع هذه الرواتب أن أوقات الصلوات أوقات تُفتح فيها أبواب السماء ويُستجاب فيها الدعاء فرغب الشارع في تكثير العمل فيها، قال بعضهم: وحكمة تقديم بعض الرواتب على الفرائض لتتوطن النفس بها وتتفرغ عن علائق الدنيا فلا يأتي المكلف الصلاة المفروضة إلا وهو جميع القلب لأدائها على وجهها، واختلاف الأحاديث في كيفية فعلها يدل على التوسعة فيها وأنه لا حد لها، قال النواوي: وحكمة هذه الرواتب تكميل ما عسى أن يكون نقصا في الفرائض، قال الأبي: كره مالك التنفل بهذه النية اهـ من إكمال المعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ٣٢٧] وأبو داود [١٢٥٠] والترمذي [٤١٥] والنسائي [٣/ ٢٦١] وابن ماجه [١١٤١].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها فقال:
١٥٨٦ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا أبو كسان) مالك بن عبد الواحد (المسمعي) نسبة إلى أحد أجداده البصري (حدثنا بشر بن المفضل) بن لاحق الرقاشي مولاهم أبو إسماعيل