للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال أَبُو بَكْرٍ: أَبِمُزْمُورِ الشَّيطَانِ في بَيتِ رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ؟

ــ

رفع الصوت بالإنشاد ولهذا قالت: وليستا بمغنيتين، أي ليستا ممن يغني بعادة المغنيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبيب بأهل الجمال وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغزل كما قيل (الغنا رقية الزنا) وليستا أَيضًا ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن ولا ممن اتخذ ذلك صنعةً وكسبًا، والعرب تسمي الإنشاد غناءً وليس هو من الغناء المختلف فيه بل هو مباح، وقد استجازت الصَّحَابَة غناء العرب الذي هو مجرد الإنشاد والترنم، وأجازوا الحداء وفعلوه بحضرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفي هذا كله إباحة مثل هذا وما في معناه، وهذا ومثله ليس بحرام ولا يحرج الشاهد اهـ منه.

(فقال أبو بكر) الصديق رضي الله عنه (أ) ترفعان (بمزمور الشيطان) وصوته وتظهرانه (في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم) والمزمور -بضم الميم الأولى وفتحها والضم أشهر- ولم يذكر القاضي غيره، ويقال أَيضًا مزمار وأصله صوت بصفير، والزمير الصوت، ويطلق على الغناء أَيضًا.

وهذا إنكار منه لما سمع مستصحبًا لما كان مقررًا عنده من تحريم اللهو والغناء جملةً حتَّى ظن أن هذا من قبيل ما ينكر فبادر إلى ذلك قيامًا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بذلك على ما ظهر له وكأنه ما كان تبين له أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قررهن على ذلك بعد، وعند ذلك قال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: دعهما، ثم علل الإباحة بأنه يوم عيد يعني أنَّه يوم سرور وفرح شرعي فلا ينكر فيه مثل هذا (والمزمور) الصوت، ونسبته إلى الشيطان ذم على ما ظهر لأبي بكر، وفي الإرشاد: أضافها للشيطان لأنها تلهي القلب عن ذكر الله تعالى وهذا من الشيطان اهـ. قال الإِمام: فأما الغناء بآلة مطربة فيمنع، وبغير آلة اختلف النَّاس فيه فمنعه أبو حنيفة وكرهه الشَّافعيّ ومالك وحكى أصحاب الشَّافعيّ عن مالك أن مذهبه الإجازة من غير كراهة.

قال القاضي: المعروف من مذهب مالك المنع لا الإجازة. قلت: ذكر الأئمة هذا الخلاف هكذا مطلقًا ولم يفصلوا موضعه، والتفصيل الذي ذكرناه لا بد من اعتباره، وبما ذكرناه يجتمع شمل مقصود الشرع الكلي ومضمون الأحاديث الواردة في ذلك، وينبغي أن يستثني من الآلات التي ذكر الإِمام الدف فإنَّه قد جاء ذكره في هذا الحديث وفي حديث العرس اهـ من المفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>