خلق السماوات والأرض) (فإنه) الضمير فيه للإنفاق (لم يغض ما في يمينه) ما هذه موصولة وهي مع صلتها مفعول لم يغض اهـ.
وقال الطيبي: يجوز أن يكون قوله: (أرأيتم) استئنافًا فيه معنى الترقي.
كأنه لما قيل: ملآى أوهم جواز النقصان فأزيل بقوله: (لا يغيضها شيء) وقد يمتلئ الشيء ولا يغيض فقيل: سحاء إشارة إلى الغيض وقرنه بما يدل على الاستمرار من ذكر الليل والنهار ثم أتبعه بما يدل على أن ذلك ظاهر غير خاف على ذي بصر وبصيرة بعدما أن اشتمل عليه من ذكر الليل والنهار بقوله: (أرأيتم) على تطاول المدة لأنه خطاب عام والهمزة فيه للتقرير قال: وهذا الكلام إذا أخذته بحملته من غير نظر إلى مفرداته أبان زيادة الغنى وكمال السعة والنهاية في الجود والبسط في العطاء كذا في الفتح.
ثم (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (و) كان (عرشه) سبحانه وتعالى الذي هو أعظم المخلوقات قبل السماء والأرض (على الماء) أي فوق الماء الذي تحت الأرضين يعني ليس بينه وبين الماء حجاب ثم خلق بينهما السماء والأرض قال كعب: قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[هود: ٧] إن الله بدأ الخلق ياقوتة خضراء فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء ثم خلق عرشه عديه وقال ابن عباس: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} أي فوقه إذ لم يخلق سمًاء ولا أرضًا وظاهر هذا الحديث أن العرش حالة إخباره - صلى الله عليه وسلم -هو على الماء كما قال كعب وظاهر كلام ابن عباس أنه لما خلق السماوات والأرض أضيفت فوقية العرش إليهما اهـ من المفهم.
وقال الحافظ في الفتح: مناسبة ذكر العرش هنا أن السامع يتطلع من قوله: (خلق السماوات والأرض) ما كان قبل ذلك فذكر ما يدل على أن عرشه قبل خلق السماوات والأرض كان على الماء كما وقع في حديث عمران بن حصين الماضي في بدء الخلق بلفظ: (كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض) اهـ ثم قال بعد عدة أبواب: وظاهر قوله: (والعرش على الماء) أنه كان كذلك حين التحديث بذلك وظاهر الحديث الذي قبله أن العرش كان على الماء قبل خلق السموات والأرض ويجمع بأنه لم يزل على الماء وليس المراد بالماء ماء البحر بل هو ماء تحت العرش كما شاء الله تعالى وقد جاء بيان ذلك في حديث اهـ من فتح الملهم.